حوارات

السفير السعودي في حوار خاص…العلاقات السعودية الماليزية قديمة وراسخة منذ قرون…ونتطلع إلى تطويرها بشكل أكبر

كوالالمبور – محمد الصوفي

تعد العلاقات السعودية الماليزية علاقات متميزة قائمة على الإحترام المتبادل، والعمل على تطويرها في كافة المجالات، وشهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً وخصوصاً خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى ماليزيا في فبراير الماضي.

تحظى المملكة العربية السعودية باحترام كبير لدى جميع الأوساط الرسمية والشعبية والتجمعات الإسلامية في ماليزيا، إنطلاقاً من الروابط الروحية والأسس المتينة للعلاقات بين البلدين، حيث بدأ التبادل الدبلوماسي بين السعودية وماليزيا في عام 1961، وعملت السفارة السعودية لدى ماليزيا منذ ذلك الوقت على التعاون المستمر، كما حققت منذ تأسيسها باقة كبيرة ومتنوعة من الإنجازات، مدفوعة بالعلاقات المتينة بين البلدين.

وللحديث أكثر عن ذلك إلتقت “أسواق” السفير السعودي لدى ماليزيا سعادة الأستاذ محمود حسين قطان في حوار شامل للتعرف على أهم الجوانب والتطورات في العلاقات السعودية الماليزية وكان لنا معه الحوار التالي:

• بداية العلاقات بين المملكة العربية السعودية وماليزيا؟

العلاقات السعودية الماليزية علاقات قديمة وراسخة من خلال العلاقات الدينية والتجارية القائمة منذ قرون، وقد أقيمت العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات بين المملكة العربية السعودية وماليزيا في العام 1961، وهي علاقات تقوم على الاحترام المتبادل والعمل على تحقيق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين السعودي والماليزي والاهتمام بقضايا العالم الإسلامي وترسيخ الأمن والسلام العالمي، ومنذ بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً كبيراً، نتيجة توافق توجيهات القيادة في البلدين خلال كافة مراحل هذه العلاقات على العمل المشترك، من أجل تطوير هذه العلاقات في كافة المجالات التي تهم البلدين.

• كثيراً ما يقال إن “العلاقات بين السعودية وماليزيا علاقات ممتازة بصفة خاصة” هل مجرد عبارات دبلوماسية معتادة أم أن هناك محتوى حقيقي وراءها؟

من المُؤكد أن العلاقات السعودية الماليزية هي علاقات ممتازة، وقد جاءت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الرسمية إلى ماليزيا في شهر فبراير الماضي لتؤكد على مكانة ومستوى هذه العلاقات، وقد شهدت هذه الزيارة العديد من الاجتماعات واللقاءات والفعاليات التي تعكس عمق العلاقات السعودية الماليزية، وعلى الرغم من أن العلاقات السعودية الماليزية هي علاقات ممتازة، إلا أن طموح القيادتين السعودية والماليزية يتطلع إلى تطوير هذه العلاقات ولذلك فقد أسفرت زيارة الملك سلمان إلى ماليزيا عن التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون والاستثمار بين البلدين في مجالات مختلفة.

وأود الإشارة هنا أيضاً إلى مشاركة ماليزيا من خلال وفد ترأسه رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبد الرزاق، في مؤتمر قمة الدول العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي أقيمت في الرياض في شهر مايو الماضي واجتماعه مع الملك سلمان بن عبد العزيز حيث ساهمت تلك المشاركة في تعزيز العلاقات السعودية الماليزية.

• كيف تصف العلاقات الاقتصادية بين السعودية وماليزيا وعلى ماذا تعتمد؟

العلاقات الاقتصادية والتجارية بين المملكة العربية السعودية وماليزيا تعتبر جيدة، فقد شهدت السنوات الماضية تطوراً في حجم الصادرات السعودية إلى ماليزيا هذا من جانب، أيضاً في حجم الصادرات الماليزية إلى السعودية، كما شهدت السنوات الماضية ارتفاعاً في حجم السياح السعوديين إلى ماليزيا، وارتفاعاً في أعداد المعتمرين والحجاج الماليزيين المتوجهين إلى السعودية، غير أن تطلعات القيادتين السعودية والماليزية أكبر، لذلك فإن هناك جهود مشتركة للعمل على تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بما يتوافق مع حجم الدوليتين ومكانتهما وإمكانيتهما الإقليمية والدولية.

• لنتحدث قليلاً عن قطاع الاستثمارات بين البلدين، كيف تقيم هذا القطاع؟

أطلقت السعودية رؤية 2030، والتي من ضِمن أهدافها تشجيع الاستثمار وتقديم التسهيلات للاستثمارات الأجنبية في المملكة، كما أن رؤية 2030 تهدف إلى نقل التكنولوجية إلى السعودية وتوطين بعض الصناعات من خلال الاستثمارات المشتركة.

وفي ضوء الإمكانات التي المتوافرة في كل من المملكة العربية السعودية وماليزيا، وعلى الرغم من المشاريع الاستثمارية التي تشارك فيها المملكة في ماليزيا، فإن قطاع الاستثمارات ما زال دون الطموحات والتطلعات، خاصة وأن هناك بيئة جيدة للاستثمار ومجالات كثيرة ومتعددة متاحة للاستثمار بين البلدين، بالإضافة إلى ما تقدمه الدولتين من تسهيلات للاستثمار، وأجدها دعوةً مناسبة لأشقائنا الماليزيين للاستثمار في المملكة العربية السعودية، في ضوء ما تتمتع به المملكة من بيئة استثمارية جيدة وفرص استثمارية متعددة وواعدة.

• ما هو دور السفارة في دعم الاستثمارات السعودية في ماليزيا وطبيعة هذه الاستثمارات؟

تعمل السفارة السعودية في ماليزيا على دعم الاستثمارات السعودية من خلال تفعيل الاتفاقيات الثنائية في مجال الاستثمار بين المملكة العربية السعودية وماليزيا، والتواصل مع المسئولين الماليزيين والجهات الماليزية ذات العلاقة من أجل تذليل أي عقبات أو عراقيل قد تواجه المستثمر السعودي، وتقديم ما يحتاجه المستثمر السعودي من معلومات تتعلق بمجالات الاستثمار والأنظمة والقوانين المنظمة للاستثمار في ماليزيا.

وشهدت الاستثمارات السعودية في ماليزيا قفزة كبيرة نتيجة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى ماليزيا في شهر فبراير الماضي، حيث تضمن البيان الختامي للزيارة، على تأكيد الجانبين على أهمية تقوية وتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين والتعاون بينهما في مجالات الاستثمار، واستكشاف الفرص المتاحة في ضوء رؤية المملكة العربية السعودية 2030، كما كان من نتائج الزيارة توقيع شركة أرامكو السعودية اتفاقية مع شركة بتروناس الماليزية للمشاركة بنسبة 50% في مشروع التطوير المتكامل للتكرير والبتروكيماويات، والذي تقدر تكلفته بنحو 12 مليار دولار أمريكي، وفي هذا الإطار فقد بلغت المشاريع المشتركة بين البلدين نحو 47 مشروعاً منها 38 مشروعاً خدماتياً و9 مشاريع صناعية.

وهنا أود الإشارة إلى أن دور السفارة لا يقتصر فقط على دعم الاستثمارات السعودية في ماليزيا، بل تعمل السفارة أيضاً على تشجيع الاستثمارات الماليزية في المملكة من خلال التواصل مع المستثمرين في ماليزيا وتقديم ما يحتاجونه من معلومات حول فرص الاستثمار في السعودية ودعوتهم إلى زيارة المملكة للتواصل مع رجال الاعمال السعوديين والإطلاع على فرص الاستثمار المتاحة.

• ما هي التسهيلات التي تقدمها المملكة العربية في مجال الاستثمار؟

رؤية 2030 التي أطلقتها المملكة وبدأت في تطبيقها، تُشجع على جذب الاستثمارات وتوفير البيئة الصالحة للاستثمار، من خلال تقديم التسهيلات للمستثمرين وإقرار الأنظمة والقوانين المنظمة للاستثمار، والتي تشجع المستثمرين وتحفظ حقوقهم وتذليل العراقيل والعقبات التي قد تواجه الاستثمار، وهناك العديد من الشركات والمؤسسات الدولية الكبيرة التي أكدت على ثقتها في المناخ الاستثماري السائد في السعودية، من خلال الاستثمار في الأسواق السعودية في مجالات متعددة، سواءً من خلال الشراكة مع شركاء سعوديين أو من خلال الدخول المباشر إلى الأسواق السعودية، والتي تعتبر من أكبر الأسواق في المنطقة.

أما على الجانب الآخر إن المكانة الاقتصادية والتجارية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية، والتي أهلتها إلى أن تكون عضواً فاعلاً في مجموعة العشرين التي تضم أكبر الاقتصاديات في العالم، حيث تشارك المملكة في مؤتمرات قمة مجموعة العشرين، والتي كان أخرها المشاركة في القمة التي عقدت في مدينة هامبورغ الألمانية هذا العام 2017، مما يدلل على متانة الاقتصاد السعودي وقدرته التنافسية وبيئته الاستثمارية.

• تعد السياحة ذات أهمية كبيرة للاقتصاد الماليزي، كيف تقيمون الحركة السياحية بين البلدين؟

تعتبر ماليزيا من بين الوجهات السياحية المفضلة للسائح السعودي، ويجد فيها كل ترحيب من الأخوة الماليزيين، وتحرص الجهات الماليزية المختلفة على تقديم التسهيلات للسائح السعودي، ومن بينها عدم حاجة السائح السعودي للحصول على تأشيرة دخول من السفارات الماليزية، ومنحه تأشيرة دخول في المطارات الماليزية، ونتيجة لذلك فقد شهدت السنوات الماضية، زيادةً في أعداد السائحين السعوديين إلى ماليزيا، حيث قاربت أعدادهم في العام 2016 وفق المصادر المُختصة إلى 120 ألف سائح، ومن المتوقع أن يَشْهد هذا العام 2017 زيادةً في أعداد السياح السعوديين القادمين إلى ماليزيا.

أما في ما يتعلق بزيارة الماليزيين إلى المملكة العربية السعودية، فإنها تتركز في أداء شعائر الحج والعُمرة، وقد وصل عدد المعتمرين الماليزيين هذا العام 2017، إلى نحو 238 ألف معتمر بنسبةِ زيادة بلغت نحو 4% مقارنةً بالعام الماضي، ويُضاف إليهم الحجاج الماليزيين الذين أدوا مناسك الحج هذا العام.

وبتوجيهات الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان فإن المملكة العربية السعودية تضع كافة إمكانيتها من أجل تسهيل قدوم الحجاج والمعتمرين وتقديم كافة الخدمات التي تضمن إدائهم مناسكهم بكل يسر وأمان.

والجدير بالذكر أنه تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في المجال السياحي، وقد قام مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية، بالتصديق على هذه المذكرة والتي سوف يكون لها أثر إيجابي في تعزيز التعاون السياحي بين المملكة وماليزيا.

• كيف تقيم العلاقات الاكاديمية بين البلدين، خصوصاً مع وجود عدد كبير من الطلبة السعوديين المبتعثين والدارسين على حسابهم الخاص في ماليزيا؟

عند تأسيس برنامج خادم الحرمين الشريفين للإبتعاث للخارج، كانت ماليزيا من ضمن الدول التي تضمنها برنامج الابتعاث، وذلك اعترافاً بالمكانة التي تتمتع بها الجامعات الماليزية والمستوى العلمي الرفيع الذي وصلت إليه، وقد وصل عدد الدارسين السعوديين في الجامعات الماليزية سواء المبتعثين أو الدراسين على حسابهم الخاص في تخصصات مختلفة إلى نحو 1500 طالب وطالبة، كما أن بعض الجامعات السعودية وقعت اتفاقيات تعاون مع بعض الجامعات الماليزية، وهناك توافق بين القيادتين السعودية والماليزية على أهمية تطوير التعاون الأكاديمي بين السعودية وماليزيا.

وفي هذا المجال أيضاً، كانت ومازالت العديد من الجامعات السعودية مقصداً للدارسين من الطلبة الماليزيين، ونتيجة للطلب المتزايد من الدراسيين الماليزيين الراغبين في الدراسة في المملكة فقد تمت مضاعفة أعداد المنح الدراسية التي تُقدم لهم للدراسة في الجامعات السعودية.

• رسالة توجهها عبر “أسواق” بمناسبة اليوم الوطني الــ 87 للمملكة العربية السعودية؟

إن اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية يمثل ذكرى عزيزة على كل مواطن سعودي، فهي تمثل بداية تاريخ الأمة السعودية منذ تأسيسها على يد جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله، والتي قامت على أسس متينة مستندة إلى كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، كما أن ذكرى اليوم الوطني تتمثل بالافتخار بحاضر المملكة المزدهر والذي بَناه قادة هذه البلاد منذ عهد المؤسس ووصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، كذلك فأن هذه الذكرى العزيزة تمثل دعوة للبناء الشعب السعودي من أجل الاستمرار في العمل لبناء مستقبل مشرق بإذن الله، فالمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وهي تمثل ركن من أركان الاستقرار والأمن في العالمين العربي والإسلامي وسوف تحافظ على أداء رسالتها الإسلامية والإنسانية، والمساهمة في الأمن والاستقرار العالميين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat