غير مصنف

شهر رمضان المبارك في ماليزيا… أجواء روحانية وخصوصية ثقافية

كوالالمبور – أسواق

كل عام يحل شهر رمضان المبارك على العالم الإسلامي كضيف محبوب يَحتفِلُ باستقباله المسلمون في جميع أنحاء العالم من أقصى الشرق لأقصى الغرب، ويعتبر هذا الشهر المبارك فرصة كبيرة للمسلمين للاحتفال بشعائرهم السمحة وإبراز مظاهر الوحدة والإخاء والتكافل الاجتماعي بينهم في مختلف أرجاء العالم بغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنسية.

كما يقدم شهر رمضان فرصة للشعوب الإسلامية لإبراز تقاليدها الثقافية والاجتماعية الخاصة في هذا الشهر، وماليزيا لكونها واحدة من أكبر الدول الإسلامية تملك العديد من المظاهر والخصوصية الثقافية التي تبرزها عبر الطابع الخاص الذي تضفيه على شهر رمضان المبارك.

الأجواء الرمضانية في ماليزيا يمكن رصدها قبل أسبوع من بدء الشهر المبارك، حيث تنتشر الزينة الرمضانية في العديد من المناطق والشوارع خصوصاً في المناطق المجاورة للمساجد الكبيرة والمناطق القروية، وتبدأ الاستعدادات للمظاهر الرمضانية التي تتعدد وتنتشر في شوارع ماليزيا على طول البلاد، كما أن العديد من الولايات مثل ملاكا وجوهور تعلن عن عطلة رسمية في اليوم الأول من الشهر المبارك.

بازار رمضان

يعتبر بازار رمضان من أشهر المظاهر التي تنتشر في ماليزيا أثناء شهر رمضان المبارك، حيث لا تخلو منطقة أو حي في البلاد من مثل هذه البازارات، ويتميز بازار رمضان بتقديم أشهى الأطعمة الماليزية الشهيرة والأطباق التي تملك شعبية كبيرة في رمضان، ويبدأ بازار رمضان عمله منذ الصباح إلى وقت متأخر بعد الإفطار، حيث تصل ذروة الازدحام فيه قبل وجبة الإفطار بحوالي الساعتين.

“يتميز بازار رمضان بتقديم أشهى الأطعمة الماليزية الشهيرة والأطباق التي تملك شعبية كبيرة خلال شهر رمضان”

ويقوم العديد من الماليزيين والأجانب على حد سواء بزيارة البازارات المختلفة في عدة مناطق، خصوصاً أن كل بازار منها يملك أطباقه الخاصة ومأكولاته المتنوعة، كما يتميز بازار رمضان بتقديم الأسعار الأفضل للأطعمة عدا عن احتوائه على العديد من أطباق الحلويات الشهيرة في ماليزيا.

الطعام ليس كل شيء في بازار رمضان، بل هو الجزء الأكبر منه، فعلى جانب آخر يوجد العديد من المحلات التي تبيع الملابس بمختلف أنواعها، خصوصاً الملابس التقليدية الماليزية، إضافة لمحلات بيع التحف الخزفية والفخارية التي يصمم معظمها بزخرفات إسلامية وآيات قرآنية مستلهمة من أجواء شهر رمضان المبارك.

أجواء روحانية

كحال الدول الإسلامية جمعاء تعتبر المساجد في ماليزيا الواجهة الأهم لشهر رمضان المبارك في البلاد، حيث تعج المساجد طوال اليوم بالمصلين وطلاب العلم الذين يقضون أوقاتهم في الصلاة وقراءة القرآن، كما تشتهر المساجد في ماليزيا بتنظيم دروس العلم للنساء في الصباح، حيث يتلقين الدروس في الصباح قبل العودة إلى المنازل ظهراً للبدء بالتحضير لوجبة الإفطار للعائلة.

كما درجت العادة في ماليزيا على تجمع الكثير من الرجال في وقت صلاة المغرب في المساجد حيث تمتلئ تلك المساجد بالمصلين الذين يتناولون إفطاراً خفيفاً يشرف على تقديمه متطوعون من المساجد قبل تأدية صلاة المغرب في المسجد، ثم يعود الرجال إلى منازلهم لتناول وجبة الإفطار مع عائلاتهم.

الأجواء الروحانية المطمأنة تتكرر مع صلاة التراويح بعد الإفطار حيث تمتلئ المساجد بالمصلين وقراءة القرآن ودروس العلم التي تقدم بعد صلاة التراويح، كما يملك الماليزيون تقليداً خاصاً بهم وهو تناول وجبة خفيفة بعد صلاة التراويح تدعى “Moreh” حيث يجلس الجميع جنباً إلى جنب ليتشاركوا الطعام سوية في مظهر رائع من مظاهر المشاركة والروحانية بين المسلمين في ماليزيا.

يملك الماليزيون تقليداً خاصاً بهم وهو تناول وجبة خفيفة بعد صلاة التراويح تدعى “Moreh”

التكافل الاجتماعي

التكافل الاجتماعي هو من أهم القضايا التي يركز عليها الدين الإسلامي لمساعدة الفقراء والمحتاجين في المجتمع الإسلامي، وشهر رمضان المبارك هو واحد من أبرز المواسم التي تكثر فيها مبادرات التكافل الاجتماعي بين المسلمين في ماليزيا.

قبل حوالي عقد من الزمن ابتكر مسجد “Jamek” في العاصمة الماليزية كوالالمبور وجبة من عصيدة الأرز واللحم المطبوخة بحليب جوز الهند والبهارات، وهذه الوجبة تدعى “Bubur Lambuk” حيث كان المسجد يقوم بتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في أيام الشهر المبارك.

اليوم لا يخلو مسجد في ماليزيا من متطوعين يقومون بإعداد هذه الوجبة وتقديمها للمحتاجين والمارة قبل المغرب، ولا يقتصر تقديم الطعام للمحتاجين من المسلمين فقط، بل تعمل المساجد في ماليزيا على تقديمها للمحتاجين من جميع الأديان دون استثناء كاحد مظاهر التكافل الاجتماعي والتآخي بين المسلمين ومختلف مكونات الشعب الماليزي.

كما تشهد الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك انتشار المتطوعين وطلاب المساجد الذين يقومون بجمع زكاة الفطر من إخوانهم المسلمين، حيث تشرف الهيئات في تلك المساجد على توزيع تلك الزكاة على الفقراء والمحتاجين، كما تكثر المبادرات التي تعمل على توزيع الألبسة والمعونات الغذائية والأموال على الفقراء ضمن أجواء مميزة من التكافل والإيمان بين المسلمين الماليزيين.

“تكثر في شهر رمضان المبارك المبادرات التي تعمل على توزيع الملابس والمعونات الغذائية والأموال على الفقراء”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat