أخباراقتصاد

كيف قدمت ماليزيا المليارات لسنغافورة ضمن اتفاقية تبادل المياه؟

كوالالمبور – “أسواق”

في عام 1962 وقبل استقلال سنغافورة عن ماليزيا بشكل نهائي تم توقيع اتفاقية المياه الخاصة بنهر جوهور بين حكومة ولاية جوهور آنذاك وسنغافورة، حيث ينص ذلك الاتفاق على امتلاك سنغافورة الحق بسحب 250 مليون غالون يومياً (أي ما يعادل 1.14 مليون متر مكعب) من نهر جوهور.

ومقابل ذلك تقدم سنغافورة المياه المعالجة لجوهور بنسبة 2% من المياه الخام التي تقدمها الولاية من نهرها.

وأحد بنود ذلك الاتفاق كانت تنص على صلاحيته لمدة 99 عاماً منذ توقيعه أي حتى عام 1962، وبحسب ذلك الاتفاق فإن السعر الذي تدفعه سنغافورة لكل 1000 غالون من المياه الخام هو 3 سين ماليزي، مقابل 50 سين تدفعه ولاية جوهور لكل 1000 غالون من المياه المعالجة.

الاتفاقية قدمت خياراً للطرفين لمراجعة الاتفاق بعد 25 عاماً من توقيعه، لكن حكومة ولاية جوهور قررت الاستمرار على الاتفاقية في عام 1987، استمرارية تبدو غير مستقرة مع التوجه الحالي للحكومة الماليزية التي بدأت بالبحث عن طرق لإعادة النظر في الاتفاقية التي يبلغ عمرها اليوم 57 عاماً.

إعادة النظر

توجه الحكومة الماليزية نحو اتفاقية المياه مع سنغافورة بدأت إرهاصاته مع انتخاب مهاتير محمد رئيساً للوزراء في العام الماضي 2018، حيث تحدث أكثر من مرة عن ضرورة إعادة النظر بجميع الاتفاقيات التي وقعتها ماليزيا بما فيها اتفاق المياه مع سنغافورة، حيث تعتبر الحكومة الماليزية أن شروط الاتفاق ليست عادلة ومجحفة بحق ماليزيا.

كلام كرره العديد من مسؤولي الحكومة الماليزية بما فيهم وزير المالية “ليم جوان إنج” ووزير الخارجية “سيف الدين عبد الله”، الذي خرج يوم البارحة أمام البرلمان الماليزي ليعلن أن ما وصفه بالـ “مساعدات” التي قدمتها ماليزيا لسنغافورة من خلال المياه الخام بلغت قيمتها 2.4 مليار رنجت منذ عام 1962.

هذا المبلغ يساوي 42 مليون رنجت سنوياً أو 100 ألف رنجت يومياً بحسب وزير الخارجية، مضيفاً أن السعر الذي تحصل عليه ماليزيا مقابل المياه الخام ليس عادلاً مقارنة بالسعر الذي تدفعه للحصول على المياه المعالجة من سنغافورة.

بحسب كلام وزير الخارجية فإن الحكومة الماليزية الحالية تنظر لاتفاق المياه مع سنغافورة على أنه عبأ مالي عليها، حيث تعتبره اتفاقاً مجحفاً بحقها وهو ما يفسر وصف وزير الخارجية الماليزي للأموال التي حصلت عليها سنغافورة جراء الاتفاقية بالـ “مساعدات”.

صد ورد

بدوره فإن وزير الخارجية السنغافوري “فيفيان بالاكريشنان” انتقد الحكومة الماليزية جراء حديث العديد من مسؤوليها عن إعادة النظر في الاتفاق، حيث قال إن الاتفاق الذي وقع عام 1962 تضمن بنداً صريحاً يسمح للطرفين بإعادة النظر في الاتفاق بعد 25 عام، وأن ماليزيا فقدت الحق بإعادة النظر في الاتفاقية بعد أن قررت الاستمرار بها في عام 1987 أي بعد 25 عاماً من توقيعها.

الرد جاء من وزير الخارجية الماليزي سيف الدين عبد الله الذي انتقد نظيره السنغافوري بقوله إنه “لا يعلم أي إنجليزية استخدم لتفسير الاتفاق” في إشارة إلى أن البند 14 من الاتفاقية ينص على إمكانية إعادة النظر في الاتفاقية بعد مرور 25 عاماً على توقيعها، وليس في السنة الخامسة والعشرين من توقيعها، مضيفاً أن حكومته تحترم الاتفاق ولذلك تود إعادة النظر في بنوده.

وكانت وكالة الأنباء الماليزية “بيرناما” سبق وأن نشرت أنباء عن وجود حوار بين المدعي العام في ماليزيا ونظيره السنغافوري للتوصل إلى اتفاق بخصوص القضية، وإيجاد الصيغ القانونية الضرورية للعمل المشترك من خلال النقاش بينهما.

من جانب آخر نفى وزير الخارجية الماليزية ما قالته سنغافورة عن قيامها باستثمارات كبيرة في ولاية جوهور من خلال إنشاء سد “لينغيو” الذي قالت إنه حقق فائدة لولاية جوهور، حيث اعتبر أن إنشاء السد كان هدفه الوحيد ضمان سنغافورة حصولها على حصتها اليومية من نهر جوهور والتي تبلغ 250 مليون غالون.

واعتبر “سيف الدين” أن استثمارات سنغافورة في الولاية تعتبر صغيرة جداً مقارنة بالأرباح التي جنتها من الحصول على المياه الخام بسعر زهيد وإعادة بيع المياه المعالجة إلى ماليزيا بسعر كبير، وإنها في المقابل استفادت من العديد من الاستثمارات الماليزية مثل حاجز نهر جوهور الذي كلف ملايين من الرنجت، إضافة للتكاليف المستمرة التي تتحملها ماليزيا للتأكد من توفير المياه من خلال نهر جوهور.

الحكومة الماليزية الحالية تبدو مصرة على تعديل الاتفاق في أقرب فرصة، ورغم تأكيدها على الحفاظ على علاقات ودية مع جارتها سنغافورة، إلا أن وزير الخارجية الماليزي أكد أن ماليزيا ستلجأ إلى التحكيم الدولي في حال رفضت سنغافورة التوصل إلى اتفاق لتغيير شروط اتفاقية 1962.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat