
كوالالمبور – أسواق
في عام 2011 تم اختيار ماليزيا الموقع السياحي الأفضل للسياح المسلمين من قبل مؤسسة Crescent Rating في سنغافورة، ليستمر اختيار ماليزيا لهذا اللقب لأربع أعوام كاملة حتى عام 2014، وفي عام 2016 و 2017 عادت ماليزيا لتنال لقب الموقع الأمثل للسياح المسلمين لعامين آخرين على التوالي، فما هي الأسباب التي تجعل ماليزيا تحتل هذه المكانة من بين العديد من الدول الإسلامية؟
قبل كل شيء فإن ماليزيا تتمتع بإمكانيات سياحية وطبيعية هائلة، حيث تقع في قلب منطقة جنوب شرق آسيا وتقسم لقسمين هما شبه الجزيرة الماليزية، وماليزيا الشرقية التي تشكل الجزء الشرقي من جزيرة بورنيو التي تعتبر من أبرز الجزر السياحية في العالم، وهذه الميزات الطبيعية الكبيرة تجتذب ملايين السياح سنويًا إليها.
سواء كان السائح باحثًا عن الغابات الاستوائية، الأنهار، الشواطئ الساحرة، المدن الكبرى والمراكز التجارية أو حتى المعالم الدينية والثقافية فإن كل ذلك سيجده في ماليزيا، لكن كل تلك الميزات يمكن أن توجد في دول سياحية أخرى، وهنا تبرز إمكانيات ماليزيا الخاصة في مجال السياحة الإسلامية.
لا عجب أن تكون ماليزيا الدولة الإسلامية الكبيرة في جنوب شرق آسيا موقعًا عالميًا للسياح المسلمين، نظرًا للإمكانيات الكبيرة التي تمتلكها هذه البلاد كمجتمع ودولة إسلامية، ويمكن تلخيص هذه الإمكانيات المميزة في ثلاثة جوانب رئيسية.
موقع الحلال الأضخم
استهلاك المنتجات الحلال والحصول عليها وإيجادها يعتبر واحدًا من الهواجس الرئيسية التي يواجهها السائح المسلم عندما ينوي الذهاب إلى أي وجهة سياحية في العالم، حيث يعاني السياح المسلمون في العديد من دول العالم من مشكلة صعوبة العثور على المنتجات الحلال التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية، فيما يبدو هذا الواقع مختلفًا تمامًا في ماليزيا.
ماليزيا لكونها دولة ذات أغلبية مسلمة تبلغ أكثر من 61% من السكان تنتشر فيها منتجات الحلال في كل مكان، ولا يوجد أسهل من الحصول على منتجات الحلال فيها خصوصًا أن جميع السلاسل العالمية للأطعمة ومتاجر المواد الغذائية لا يمكن لها العمل في ماليزيا دون الحصول على شهادة الحلال، عدا عن أن الكثير من المطاعم الشعبية وغيرها تبيع المنتجات الحلال في أي وقت وأي مكان.
كذلك فإن المطاعم أو الشركات التي تقدم المنتجات غير الحلال مجبرة على وضع لافتات بارزة وتنبيه زوارها إلى أن المنتجات التي تقدم فيها ليست مطابقة للشريعة الإسلامية، وهو ما يسهل كثيرًا على السياح المسلمين الحصول على المنتجات الحلال في كل مكان وتجنب أي منتجات تخالف تعاليم الشريعة الإسلامية.
إذ تعتبر ماليزيا من أكبر الدول المصدرة للمنتجات الحلال في العالم، وذلك من خلال منظمة “JAKIM” الحكومية التي تشرف على نظام المنتجات الحلال في البلاد والذي يعتبر من أكثر النظم صرامة في العالم، ولا يتم منح أي شركة أو مطعم أو مركز تجاري شهادة الحلال إلا بعد سلسلة من الاختبارات والتأكد من مراعاة جميع شروط المنتج الحلال الموافقة لأحكام الشريعة الإسلامية.
المساجد والثقافة الإسلامية
المساجد وتوفر أماكن الصلاة هي واحدة من المعايير الأساسية التي تحدد جودة رحلة السائح المسلم في العديد من دول العالم، حيث يواجه السياح المسلمون بعض الصعوبات في إيجاد أماكن الصلاة أو قلتها أو بعد المسافات في العديد من الدول الأوروبية أو أمريكا أو الدول الشرق آسيوية، والحل يوجد دائمًا في ماليزيا.
ماليزيا تملك كثافة كبيرة من ناحية أعداد المساجد حيث لا يوجد حي أو منطقة لا يوجد فيها مسجد للصلاة، وهذا يسهل عملية التنقل على السياح المسلمين حيث أن المساجد توجد في كل مكان، كذلك فإن أحد أهم ميزات ماليزيا هو توفر مصلى في كل مركز تجاري أو شركة كبرى أو سلسلة مطاعم، وهذا يسهل الصلاة في أي وقت وأي مكان ويجعلهًا عملًا يسيرًا لا يجبر السائح على تغيير جدول رحلته أو التنقل لمسافة طويلة من أجل أداء الصلاة.
الناحية الأهم في هذا المجال هي كون المجتمع الماليزي مجتمعًا مسلمًا يملك الكثير من معالم التشابه مع المجتمعات الإسلامية العربية من النواحي الأخلاقية والدينية، وهذا يمنح السياح المسلمين تجربة أكثر قربًا لثقافتهم وعواطفهم، ويمنحهم الشعور بالتقارب مع الشعب الماليزي عند زيارة بلادهم.
مواسم الأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى هي مواسم مميزة للسياح المسلمين في ماليزيا حيث يمكنهم معاشية تجربة العيد في الثقافة الملاوية ومشاركة فرحة العيد مع الماليزيين حيث تنتشر مظاهر الفرح في مختلف أنحاء البلاد، كما أن شهر رمضان يعتبر مناسبة لا يمكن تفويتها في ماليزيا حيث البازارات وصلوات التراويح والإفطارات الجماعية وغيرها من المظاهر التي يشترك فيها مسلمو ماليزيا مع أخوتهم من جميع أنحاء العالم.
معالم السياحة الإسلامية
إضافة للمعالم السياحية التي يزورها الجميع في ماليزيا مثل برجي بتروناس والمعابد القديمة والجزر الرائعة مثل لنكاوي إضافة للغابات والمناطق الطبيعية المميزة في مختلف الولايات الماليزية، إلا أن ماليزيا تحتوي على العديد من المعالم السياحة الرائعة التي ترتبط بالثقافة الإسلامية ارتباطًا وثيقًا وتعتبر من أبرز المعالم السياحة في البلاد بدون أي شك.
مسجد بوترا: أو كما يعرف شعبيًا باسم المسجد الوردي، بني هذا المسجد في عام 1999 تماشيًا مع مشروع العاصمة الإدارية للبلاد بوتراجايا، لكن رغم حداثة عمره إلا أن طراز بناء هذا المسجد اعتمد على العمارة الهندية الإسلامية العريقة والألوان الرائعة، حيث يعتبر تحفة معمارية لا مثيل لها تشرف على منظر طبيعي رائع يجاور بحيرة بوتراجايا الصناعية.
مسجد السلطان صلاح الدين شاه: أو مسجد القبة الزرقاء، وهو المسجد الأشهر في مدينة شاه علم عاصمة ولاية سيلانجور الماليزية، حيث يتميز هذا المسجد بمآذنه العالية وعمارته الإسلامية الفريدة، ويضفي عليه التباين بين اللونين الأبيض والأزرق طابعًا جميلًا، حيث يعتبر من أشهر المعالم السياحية في الولاية.
متحف الفنون الإسلامية في كوالالمبور: واحد من أكبر المتاحف في منطقة جنوب شرق آسيا ويضم أكثر من 7000 تحفة فنية وقطعة أثرية ومخطوطات إسلامية نادرة من ماليزيا والصين والهند ومختلف مناطق جنوب شرق آسيا، ويقع بقرب المسجد الوطني الكبير في العاصمة، وهو موقع لابد من زيارته لمحبي التراث الإسلامي والثقافة الإسلامية.
منتزه الحضارات الإسلامية في ترينجانو: منتزه مخصص لاستعراض فنون وعمارة الحضارة الإسلامية من مختلف أنحاء العالم، حيث يضم مجسمات لأكثر من 22 معلمًا إسلاميًا من مختلف دول العالم مثل المسجد الأقصى في فلسطين المحتلة، ويتيح لزواره الاقتراب أكثر من تلك المعالم والاطلاع على منجزات الحضارة الإسلامية والتراث الإسلامي.
مسجد ظاهر: يقع هذا المسجد في ولاية قدح ويعتبر من أقدم المساجد التي بنيت في ماليزيا حيث اكتمل بناؤه عام 1912، واستوحي تصميمه من مسجد عزيزي في سلطنة لانجكات بجزيرة سومطرة الإندونيسية، ويقام فيه كل عام مسابقة لحفظ القرآن الكريم على مستوى البلاد
متحف بينانج الإسلامي: واحد من المعالم الثقافية المميزة في ولاية بينانج حيث يبرز منجزات وأعمال التجار المسلمين في نشر الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية في ولاية بينانج التي لطالما كانت تحت السيطرة الاستعمارية في معظم فترات تاريخها، كما يضم العديد من التحف والوثائق التاريخية الهامة والمميزة.