أخبار

عام على الانتخابات: هل أوفت الحكومة الماليزية بوعودها؟

كوالالمبور – “أسواق”

في مثل هذا اليوم من العام الماضي 2018، أسفرت الانتخابات البرلمانية الماليزية الرابعة عشرة عن فوز تحالف الأمل “Pakatan Harapan” بالانتخابات الماليزية، وخسارة تحالف الجبهة الوطنية “Barisan Nasional” للسلطة للمرة الأولى منذ أكثر من 60 عاماً.

فوز تحالف الأمل بالانتخابات كان تحت قيادة العديد من الشخصيات الأيقونية في تاريخ ماليزيا، وفي مقدمتها رئيس الوزراء مهاتير محمد الذي يملك شعبية كبيرة في البلاد، وحكمها في فترته الأولى كرئيس للوزراء ما بين عامي 1981 – 2003.

لكن الفوز لم يكن سوى بداية طريق طويل للحكومة الماليزية الجديدة التي شكلها التحالف، والتي كان عليها العمل لتحقيق قائمة الوعود الانتخابية التي قدمها التحالف للشعب الماليزي، من خلال ما عرف باسم “بيان الأمل”.

وتضمن البيان عشرة وعود رئيسية تتضمن إصلاحات كبرى على الصعيدين السياسي والاقتصادي، لإعادة ماليزيا إلى السكة الصحيحة بعد سنوات من الاضطراب والتراجع التي شهدتها في عهد الحكومات السابقة.

والآن بعد عام كامل من انتخابها والعديد من القرارات وردود الفعل الإيجابية والانتقادات التي واجهتها، إلى أي حد تمكنت الحكومة الماليزية من تحقيق الوعود التي قدمتها للماليزيين قبل عام من الآن؟

الوعود العشرة

حكومة تحالف الأمل تعهدت أمام الماليزيين بتحقيق 10 إصلاحات رئيسية خلال أول 100 يوم من انتخابها، وتتضمن هذه الإصلاحات العديد من الجوانب الاقتصادية والسياسية الملحة في ماليزيا.

يمكن تقسيم هذه الوعود العشرة إلى وعود تم تحقيقها بشكل كامل كما وعدت الحكومة، ووعود لا زالت في طور العمل حيث بدأت الحكومة في تنفيذها، ووعود تراجعت عنها الحكومة بطرق مختلفة، وهو ما عرضها للعديد من الانتقادات في البلاد.

الوعود الرئيسية التي التزمت بها حكومة “تحالف الأمل” تشمل ثلاثة إصلاحات رئيسية، أولها هو إلغاء ضريبة السلع والخدمات “GST”، من خلال تجميد معدل الضريبة عند 0%، وهو ما شكل خطوة رئيسية للمساعدة في تقليل تكاليف المعيشة في البلاد.

كذلك وفت الحكومة الماليزية بوعدها بشأن تشكيل مجلس حكومي خاص لتعزيز اتفاقية 1963، والتي قامت بتوحيد اتحاد ملايا الفيدرالي والذي يشمل شبه الجزيرة الماليزية مع شرق ماليزيا (ولايات صباح وسرواك)، وسنغافورة لتشكيل ماليزيا الحالية، قبل أن تحصل سنغافورة على استقلالها الخاص في عام 1965.

المجلس الجديد الذي شكلته الحكومة الماليزية سيعمل على تعزيز العلاقة بين غرب وشرق ماليزيا، وتطوير المشاريع التنموية في المناطق النائية في شرق ماليزيا.

كما أن الحكومة الماليزية قامت بإجراء مراجعة كاملة لجميع المشاريع الكبرى في ماليزيا، والتي تتم مع دول أجنبية وتحديداً الصين، حيث ألغت الحكومة الماليزية العديد منها، فيما قامت بإعادة تحديد شروط مشاريع أخرى منها مشروع خط الحديد في الساحل الشرقي، حيث تمكنت الحكومة من توفير مبلغ 30 مليار رنجت من إعادة تفعيل المشروع بشروط جديدة.

رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد حاملاً بيان “تحالف الأمل” – مصدر الصورة: وكالة AFP

وعود تحققت ولكن…

في مقابل الوعود الثلاثة التي تم تحقيقها بشكل كامل فإن الحكومة تمكنت من تحقيق نجاح جزئي بالنسبة للإصلاحات الأخرى التي وعدت بها، ويشمل ذلك أربعة إجراءات إصلاحية في مجالات مختلفة.

حيث تمكنت الحكومة الماليزية من تثبيت سعر الوقود في البلاد في اليوم التاسع والعشرين بعد الانتخابات، واستمرت بذلك حتى نهاية العام الماضي 2018، لكنها في الوقت ذاته لم تقدم الإعانات التي وعدت المواطنين بها، والتي كان من المفترض أن تقدم عبر أسعار خاصة ومدعومة للوقود لتخفيف عبء الارتفاع في أسعار الوقود عن المواطنين.

يضاف لذلك العديد من القرارات التي أصدرتها الحكومة وساهمت بشكل جزئي ببدء العمل على تحقيق بقية الوعود مثل تحقيق المساواة في الحد الأدنى للأجور في البلاد، والعمل على رفع الحد الأدنى للأجور في ماليزيا ليصل إلى 2000 رنجت، خصوصاً مع وجود عدد كبير جداً من سكان ماليزيا ممن يعيشون تحت هذا الحد للأجور، لكن لا زال الحد الأدنى للأجور في البلاد بعيداً عن الوصول إلى مبلغ 2,000 رنجت.

من جانب آخر أصدرت الحكومة الماليزية من خلال الصندوق الوطني للتعليم العالي “PTPTN” قراراً بتأجيل تسديد القروض الدراسية لجميع الطلاب المتخرجين الذين تقل أجورهم الشهرية عن 4,000 رنجت، حيث وعد “تحالف الأمل” بذلك من خلال بيانه الانتخابي ضمن الوعود العشرة لأول 100 يوم.

لكن الحكومة قدمت إطاراً زمنياً محدوداً للطلاب لتحديث بياناتهم وهو عشرة أيام منذ الإعلان عن القرار في 15 يوليو 2018، وقالت إنها ستعتبر كل من لا يقوم بتحديث البيانات الخاصة به خلال تلك الفترة ضمن قائمة الطلاب الذين لا يرغبون بتأجيل القروض المترتبة عليهم، وهو ما عرضها لانتقادات كبيرة بشأن تحقيق وعدها بإلغاء القروض.

ما بعد 100 يوم

مرحلة المائة يوم التي وعدت الحكومة بتحقيق الوعود العشرة خلالها انتهت دون تحقيق ثلاثة وعود منها ولو بشكل جزئي، حيث كانت تلك الوعود الثلاثة في مرحلة التخطيط، وحتى اليوم لم يتحقق منها سوى وعد واحد هو تقديم دعم مالي بقيمة 2 مليار رنجت لتخفيف ديون مزارعي النخيل في البلاد.

 فيما لم يتم إدخال النظام الجديد للتأمين الصحي والذي يقدم مبلغاً يتراوح بين 500 – 700 رنجت لكل مواطن من الطبقة الأقل دخلاً في البلاد والتي تعرف بمصطلح “B40″، وحتى اليوم لا يزال التأمين الذي وعدت به الحكومة الماليزية للفئات الأقل دخلاً ضمن التخطيط دون تنفيذه.

الوعد الأخير في قائمة الوعود العشرة للحكومة الماليزية كان التعهد بتشكيل مجلس ملكي للتحقيق بخصوص قضايا شركات “1MDB” ومنظمة “تابونج حجي” المتخصصة في شؤون الحج والعمرة، ومنظمة تطوير الأراضي الفيدرالية “Felda”، إضافة لوكالة “Mara” التنموية، وإعادة تشكيل هياكل هذه المؤسسات.

لكن هذا الوعد تم إلغاؤه نهائياً، بعدما تبين أن تشكيل مثل هذا المجلس يمكن أن يتضارب مع التحقيقات القضائية الجارية في العديد من القضايا المرتبطة بتلك المؤسسات.

إضافة للوعود العشرة الرئيسية التي تعهد بها “تحالف الأمل” في بيانه، فإن الحكومة الحالية للبلاد تعهدت بتحقيق 60 إصلاحاً رئيسياً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإدارية وغيرها، وهو ما تواجه الحكومة الماليزية صعوبات في تحقيقه بحسب رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد.

مهاتير الذي سبق وصرح مع نهاية فترة المائة يوم أن تحالف الأمل أطلق الكثير من الوعود لأنه لم يكن يتوقع الفوز في الانتخابات، أكد أنه يتوجب على الحكومة التضحية لتحقيق وعودها للشعب الماليزي، مضيفاً أنه يتوجب على الحكومة تقديم مبررات مقنعة للشعب في حال الفشل في تحقيق بعض تلك الوعود.

اليوم يكتمل عام كامل منذ انتخاب الحكومة الماليزية الحالية، ولا زال أمام تلك الحكومة 4 أعوام لتحقيق جميع الإصلاحات التي وعدت بها قبل الانتخابات القادمة، فترة قد تكون كافية للحكومة لتحقيق جميع وعودها وكسب التأييد الشعبي في البلاد، أو خسارة تأييد الشارع الذي جلبها إلى السلطة بعد حكم الجبهة الوطنية لأكثر من 60 عاماً متواصلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat