اقتصادتكنولوجيا

ما الذي تحتاجه العاصمة كوالالمبور لتسير على خطى “المدينة الذكية”؟

كوالالمبور – أسواق

الشهر الماضي شهدت العاصمة الماليزية كوالالمبور انعقاد مؤتمر التقنية في آسيا والذي يقام على أجزاء في كل مدينة على حدة، وهذه المرة كان دور العاصمة الماليزية لاستضافة المؤتمر الذي بحث في موضوع واحد وهو: ما الذي تحتاجه كوالالمبور لتبني مشروع “المدينة الذكية”؟

قبل كل شيء فإن مفهوم المدينة الذكية يشير إلى تعميم وتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والحساسات الإلكترونية والبلوك تشين وغيرها من التقنيات الذكية ضمن البنية التحتية للمدن، وذلك لجعل الخدمات المقدمة لسكانها أسرع وأكثر فعالية وسهولة.

النقاش الذي استمر بين الباحثين والخبراء في المؤتمر توصل إلى وجهات نظر عديدة ومختلفة، لكن تم التوصل إلى ثلاثة مغالطات يجب تجنبها لجعل كوالالمبور بيئة مجهزة لتطبيق مشاريع المدينة الذكية.

أولًا: عدم التسرع في جعل كل شيء (ذكيًا)

الأهم في المرحلة الحالية عند النظر إلى الخدمات هو العمل على حل المشاكل مثل فيضان الطرق ومشاكل السير وغيرها من المشاكل الأساسية في الخدمات قبل التوجه إلى مشاريع ذكية مثل تركيب إشارات مرور تعتمد على الطاقة الشمسية، باختصار يجب تبني مبدأ “الإصلاح ثم التطوير”.

بحسب البروفسور “واران تشان” أستاذ علم البيانات فإن الأهم لتبني مشروع المدينة الذكية هو البدء بتطبيق خدمات عادية تشعر المدنيين بالتطور وذلك لبناء أرضية صلبة تتقبل الخدمات الذكية التي تقدم لهم فيما بعد.

ثانيًا: التقنيات الأجنبية ضرورة

تقنيات المدينة الذكية الأجنبية ليست ضرورة لمدينة مثل كوالالمبور خصوصًا أن مشروعات المدينة الذكية يجب أن تصمم بشكل محلي لتلائم الاحتياجات المحلية الخاصة لسكان المدن التي تستهدفها، وبالتالي فإن إطلاق العنان لشركات التكنولوجيا الناشئة في المدينة خطوة متميزة على هذا الطريق.

ثالثًا: ماليزيا لا تمتلك الكفاءات المناسبة

واحدة من المغالطات الكبيرة التي تخالف الواقع، حيث يؤكد البروفسور “تشان” أن ماليزيا تمتلك كفاءات كمية ونوعية متميزة في الفرعين الضروريين لمشاريع المدينة الذكية وهما: علم البيانات والإلكترونيات متناهية الصغر، خصوصًا في الجامعات الماليزية مثل جامعة “UTAR” وهذه ميزة لا بد لماليزيا من العمل والبناء اعتمادًا عليها.

التوجه نحو المستهلك عوضًا عن الحكومات

واحدة من أكبر العقبات التي تواجه الشركات الناشئة في مجال المدن الذكية والتقنيات المرتبطة بها هي توجيه مشاريعها ومبادراتها نحو الحكومات B2G وهو ما يجعل دورة المبيعات الخاصة بها طويلة جدًا وذلك بسبب الوقت الكبير الذي تحتاجه الحكومات لاتخاذ القرارات وعقد الصفقات في مثل هذه المجالات وقد تستغرق سنوات في بعض الأحيان.

أحد خبراء الذكاء الاصطناعي قال أن الشركات العاملة في هذا المجال عليها التوقف عن البحث عن التمويل الحكومي والتوجه مباشرة نحو المستهلك B2C ونحو الشركات الأخرى B2B وذلك للبدء بتحقيق مبيعات وصفقات بأسرع وقت حيث يمكن عقد الصفقات خلال أسابيع أو أشهر عوضًا عن الانتظار لأكثر من عام لعقد صفقة مع الحكومات.

خطوات نحو المدينة الذكية

ختام المؤتمر شهد طرح نقاط عديدة يجب على العاصمة الماليزية العمل عليها للوصول نحو تحقيق الإمكانيات المطلوبة وهذه النقاط تتلخص في:

وضع الأهداف: مبادرات ومشاريع المدينة الذكية لا يجب أن ترتكز على التقنية والميزات الكبيرة أو المتطورة التي يمكن أن تقدمها بقدر ما يجب أن تركز على تحقيق الخدمة التي يطلبها سكان المدينة وتلبية حاجاتهم وبالتالي تحقيق المبيعات أو الاستخدام المستهدف الوصول إليه، فعلى سبيل المثال تطبيق مشروع ذكي في مجال المواصلات يجب أن يستهدف حل مشاكل المواصلات مثل الازدحام قبل أن يتوجه إلى تحديث تقنيات إشارات المرور أو ما شابه.

بناء الأرضية المناسبة: حيث أن مشاريع المدينة الذكية يجب أن تستند إلى واجهات برمجة التطبيقات الذكية والتي يمكن أن تكون مبادرات مشتركة بين الحكومات والشركات الخاصة أو خدمات حكومية ذكية أو مشاريع تقنية خاصة لشركات عاملة في المجال.

تشجيع الاستثمارات والمبادرات المحلية: واحدة من أهم الأسس في خلق أسس متينة للمدينة الذكية هو من خلال تشجيع الاستثمارات المحلية للاستثمار في مجال الذكاء الصناعي وتقنيات المدينة الذكية، حيث يمكن لهذه الاستثمارات تقديم الأسس المالية المطلوبة للشركات العاملة في هذا المجال لتمويل مشاريعها.

من جانب آخر يجب تقديم الدعم الحكومي والخاص للشركات المحلية الناشئة التي تعمل على تطوير تقنيات المدينة الذكية وذلك لتحقيق الاستدامة في بداية عملها ومن ثم الربحية مع الوقت للاستمرار في تطوير التقنيات والمشاريع التكنولوجية المطلوبة.

تدريب الموارد البشرية: الخطوة الأخيرة تكمن في تدريب الكفاءات والمواهب المحلية في ماليزيا في مجال العلوم والتقنيات التي تحتاجها مشاريع المدينة الذكية وفي هذا المجال يمكن استخدام الخبرات الأجنبية التي ستساعد الخبرات المحلية على تحقيق عامل الاستدامة في السوق المحلي مع الزمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat