
كوالالمبور – “أسواق”
الهندسة المعمارية في الفن الإسلامي تفوقت منذ ظهورها، وتجلت في صورٍ عديدة أهمها المساجد والمناحف والمنازل، وتعتبر المساجد أماكن تجمع المسلمين فحرصوا على تجميلها، وهندستها بشكل جمالي يدلل على عظمة أفضل وأقدس الأماكن لدى المسلمين، في هذا العدد سنتحدث عن المتحف الإسلامي الماليزي الذي شكل مجموعةً واسعة من المعروضات والتحف الإسلامية في منطقة جنوب شرق آسيا بشكل عام وفي ماليزيا بشكل خاص
في ماليزيا اكتسبت العمارة الإسلامية اهتماماً كبيراً، وتجلت في تصميم المساجد الماليزية حيث تم دمجها مع الثقافة المحلية بشكل يضمن التعريف عنها ضمن وجود التنوعات العرقية في البلاد وتحمل معاني واضحة للدلالة على وجود الإسلام بشكل كبير في البلاد، إلى جانب إثبات قدرة الدين الإسلامي على التكيف في أي بيئة في أي زمان ومكان، والإحتفاظ برسالتها الأساسية بأنها دور عبادة، وعدم تحولها إلى مزارات عالمية، وتجاهل السبب الأساسي الذي بنيت من أجله.
تصنيفات أثرية
في شهر ديسمبر من عام 1998 افتُتح متحف الفنون الإسلامية الماليزي والذي يسمى باللغة الماليزية ” Muzium Kesenian Islam Malaysia”، في المنطقة السياحية في العاصمة كوالالمبور، وبالتحديد في وسط حدائق بردانا النباتية، وعلى مسافة قريبة من المسجد الوطني الماليزي، ويعد أكبر متحف للفنون الإسلامية في منطقة جنوب شرق آسيا، ويضم أكثر من 7 آلاف قطعة أثرية إسلامية، كما يضم المتحف 12 صالة رئيسية تصنف حسب أنواع القطع الأثرية المنتشرة على المستويين الثالث والرابع، ويستضيف المتحف 3 نسخ من القرآن الكريم والمخطوطات الأثرية، ومعرض العمارة الإسلامية، ومعرض الهند، والمعرض الصيني، ومعرض الملايو العالمي القديم.
والغرفة العثمانية السورية التي أعيد بناؤها والتي تعود إلى القرن التاسع عشر، ويمكن للزوار أيضا المضي قدماً في الطابق العلوي إلى المستوى 4 الذي يستضيف عرض المجوهرات والمنسوجات والأسلحة والدروع والسيراميك وكذلك الأواني الزجاجية الإسلامية القديمة، وتختلف مساحة المعرض لمتحف الفنون الإسلامية عن معظم المتاحف حيث توجد صالات العرض في منطقة واسعة مفتوحة، مما يسمح بالتنقل دون انقطاع من مساحة معرض إلى أخرى، ويلهم الإحساس بالاستمرارية المتجسدة في الروح الإسلامية، كما يضم طابقين آخرين من صالات العرض الدائمة، واثنين من صالات العرض الخاصة للمعارض المؤقتة.
تركيز إسلامي
يقع هذا المتحف على مساحة 30 ألف متر مربع في كوالالمبور، ويتميز هذا المتحف بالتركيز على الفن الإسلامي في جنوب شرقي آسيا والهند، وهي منطقة لم تنل قدراً كافياً من الاهتمام من الباحثين، وما يلفت النظر في هذا المتحف هو مهد طفل، وقام الحرفيون المسلمون بتجميل كل ما يحيط بهم، وكان النجارون أكثر براعة في ذلك، لأن الخشب في الكثير من البلدان الإسلامية كان نادراً وذا قيمة عالية، فقد تفننوا في الاستفادة منه وفي زخرفته، وتبرز هنا مهارة الفنانين في مهد لطفل هزاز يعود إلى العصر العثماني، وبزخارف نباتية دقيقة.
أضيف لها التذهيب كلمسة جعلت المهد تحفة فنية، ولم يجمع المتحف بين أرجائه الأعمال الفنية الإسلامية لبلاد فارس ودول الشرق الأوسط فحسب بل وجمع أيضًا تحفًا فنية من دول آسيا. كما يعرض المتحف عددًا كبيرًا من الأعمال الفنية خاصة من الصين ودول جنوب شرق آسيا، وتمثل الهند الضلع الثالث للبوتقة الماليزية، وتشير معروضات المتحف التي تعكس حضارات الهند والصين والملايو إلى المنزلة الخاصة لهذه البلدان بالنسبة إلى ماليزيا، .يضم المتحف عدداً من القاعات المختصة.
أهم القاعات
أبرز القاعات في المتحف هي قاعة القرآن الكريم والمخطوطات وتقدم مجموعة المصاحف والمخطوطات في متحف الفن الإسلامي الماليزي، رؤية متكاملة لتطور فن الخط العربي وزخرفة المصاحف والمخطوطات، أقدم أجزاء المصحف الشريف في شمال أفريقيا، وتتنوع المصاحف المحفوظة في المتحف، منها مصحف نادر كتب بالخطين الثُلث والنسخ به حليات رائعة، يعود إلى القرن العاشر الهجري نسخ في أوزبكستان، أما المصحف المملوكي الذي يحتويه المتحف لم يكن معروفاُ من قبل، لذا يعد إضافة إلى المصاحف المملوكية التي تحتفظ بها دار الكتب المصرية، ويعود إلى القرن الثامن الهجري، وقد كتب بالخط الثلث، وأسماء السور بالخط الكوفي على أرضية نباتية.
كما يضم المتحف مصحف مملوكي كُتب بالخط المحقق يعود إلى مصر أو سوريا كتب في القرن الثامن الهجري، أما المخطوطات المحفوظة في المتحف فأبرزها مخطوط دلائل الخيرات وهو يعود إلى العصر العثماني، وبه حواشٍ وتعليقات من فترات مختلفة، لكن أطرف ما في المتحف لوحات خشبية كان يستخدمها الأطفال في إثيوبيا لتعلم القراءة والكتابة والحساب في الكتاتيب.