
كوالالمبور – مُحَمّدْ الصُوفِيْ
قطاع التعليم في ماليزيا، أحد أهم العوامل الرئيسية التي ساهمت في نهضة البلاد الاقتصادية والإجتماعية على مر العقود الماضية، ولأهمية التعليم، فقد أولت ماليزيا اهتماماً كبيراً بهذا القطاع في السنوات القليلة التي تلت نيلها للاستقلال عام 1957، وازداد التركيز على دعم التعليم والبحث العلمي خلال العشرين سنة الماضية عبر تبني مبادرات جديدة مع رؤية أكثر وضوحاً وقدرة على أن تنفذ بحكمة من أجل مواصلة تعزيز التعليم العالي إلى مستوى التميز وفقاً للاحتياجات الحالية والمستقبلية.
بعد التميز الذي حققته ماليزيا خلال السنوات الماضية في قطاع التعليم وحصد مراتب متقدمة في التصنيف العالمي للجامعات، أصبحت الدولة مقصداً ووجهة رئيسية بالنسبة للطلاب الأجانب الباحثين عن التميز فى التعليم الدولي، وللحديث أكثر عن قطاع التعليم العالي في ماليزيا إلتقينا بوزير التعليم العالي الماليزي إدريس جوسوه، وكان لنا معه الحوار التالي:
• بداية نرحب بكم معنا، لوتحدد لنا أين تقف ماليزيا اليوم على خارطة المؤسسات التعليمية عالمياً؟
النظام التعليمي في ماليزيا شهد تحولاً كبيراً خلال العقود الماضية، وخصوصاً خلال العشر سنوات الماضية، حيث حقق القطاع مكاسب كبيرة بارتفاع عدد الطلاب الأجانب والماليزيين، والإعتراف العالمي بالمنشورات العلمية والبحثية وبراءات الإختراع والجودة، مما وضع القطاع التعليمي في ماليزيا على الواجهة عالمياً، بفضل الإنجازات السابق ذكرها، والإبتكار في المجتمع الماليزي، ودعم القطاع الخاص.
إلى جانب ذلك يحل نظام التعليم الماليزي في المرتبة الـ25 عالمياً، ومنذ عام 2012 شهدت الجامعات البحثية الماليزية إلى جانب ذلك تحتل ماليزيا في المرتبة الـ11 عالمياً في التنمية الاقتصادية.
• كيف أسهم قطاع التعليم الماليزي في نهضة ماليزيا خلال السنوات السابقة؟
لعب القطاع التعليمي دوراً رئيسياً كما ذكرت في البداية في نهضة البلاد، وذلك من خلال تثقيف المجتمع الماليزي، منذ المرحلة التعليمية التمهيدية في رياض الأطفال وحتى الدراسات العليا في الدكتوراة والماجستير، إضافةً إلى رفع مستوى الوعي المحلي بأهمية التعليم والتدريب المهني والتقني، إلى جانب البحث العلمي والإنتقالي بتحسين الحياة اليومية للمجتمع، ومن الأمثلة على المساهمة التعليمية في نهضة البلاد، مشروع قطار MRT، حيث شارك طلاب من كليات المجتمع بشكل رئيسي في تركيب الدوائر الكهربائية في الأنفاق، إلى جانب التعاون بين شركة بتروناس، وطلاب جامعة بتروناس التكنولوجية.
• هل تنوي الحكومة الماليزية إيجاد بدائل لتمويل البحوث العلمية خارج إطار الميزانية الحكومية؟
بشكل عام تلتزم الحكومة الماليزية بميزانية معينة لدعم هذا المجال، وعلى مدار السنوات الماضية الـ4، بقيت ميزانية التعليم ثابتة وأساسية لدعم القطاع التعليمي، من الجانب الآخر تنظر الوزارة في أمر البحث عن بدائل تمويلية من خلال التعاون مع هيئات الصناعة والبحوث الدولية مثل صندوق نيوتن في المملكة المتحدة، ومجموعة توراي الماليزية، كما تعمل الوزارة على إيجاد تطبيقات عملية، وتوفير حلولاً ملموسة، وربط شبكة البحوث بين القطاعين العام والخاص، وربط المؤسسات التجارية بالجامعات لإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات القائمة من خلال البحث.
• ما هي أهم الإنجازات التي حققتموها خلال الفترة السابقة؟
من الصعب أن نحدد إنجازاً واحداً بعينيه خلال تلك الفترة، إلا أنني سأذكر لك بعض الأمثلة، والإنجازات التي حققناها، مثل شعار “الإرتفاع صعوداً” والذي أصبح دعوةً مهمة لجمع الخبراء والمهتمين في قطاع التعليم العالي لتحسينه وتطويرة للصعود به إلى القمة، ومبادرة “U2i2″، التي تهدف للدراسة لمدة سنتين، والعمل في قطاع الصناعة لمدة سنتين، والذي يوفر منصةً للطلبة في تعزيز فهمهم للقطاعات الصناعية، ومبادرة “iCGPA”، التي خطة تعليمية تهدف لتخريج طلبة رياديين ومتوازنين وشاملين، في 8 مجالات على شبكة الإنترنت تتنوع ما بين المعرفة والإتصالات والأخلاق وحل المشاكل وريادة الأعمال حيث تم تطبيقه في جميع الجامعات الحكومية، و6 جامعات تقنية، و15 كلية مجتمعية تضم 350 برنامجاً، وبرنامج الرئيس التنفيذي للتخصص، مبادرة تهدف لجذب رجال الأعمال والرؤساء التنفيذيين المحليين والأجانب للتدريس في الجامعات الماليزية وتبادل الخبرات، ومنصة ماليزيا الإلكترونية “MOOC”، والتي أطلقت في عام 2015 كأول منصة عالمية للتعليم على شبكة الإنترنت، حيث تقوم بتقديم دورات ضخمة تهدف لتشجيع التعليم الإلكتروني، بمجموع 273 ألف طالب من 170 بلداً حول العالم.
ومن هذه المبادرات أيضاً مبادرة “APEL”، والتي تهدف لتشجيع التعلم مدى الحياة، حيث تم اعتمادها من قبل وكالة المؤهلات الماليزية، لتشجيع التعلم ومنح إمكانية تلقي الطالب التعليم العالي، وتؤهله للدراسة في الجامعات بتكاليف أقل، ومستوى أعلى، أيضاً مبادرة “GAP Year”، والتي بدأت مطلع العام الجاري 2017، وتتيح للطلبة الماليزيين فرصة التوقف عن الدراسة مدة أقصاها عام واحد، وتهدف المبادرة إلى فتح المجال أمام الطالب للدخول إلى سوق العمل، وتطوير مهاراتهم، ومبادرة البحث التربوي، والتي تستهدف البحوث الجامعية المفيدة وترجمتها على أرض الواقع لإفادة المجتمع المحلي والدولي، واستكشاف المعارف وبنائها، ومعالجة المشاكل.
• أخبرنا عن أوجه التعاون بين ماليزيا والدول العربية في مجال التعليم، وهل هناك أي تعاون مع الجامعات العربية على وجه الخصوص؟
نعم هناك تعاون مع العديد من الجامعات العربية، واتفاقيات تفاهم ومذكرات تعاون بين الجامعات العربية، والماليزية:
1- المملكة العربية السعودية 18
2- الجزائر 7
3- البحرين 4
4- العراق 11
5- الأردن 17
6- الكويت 3
7- لبنان 3
8- مصر 11
9- المغرب 11
10-سلطنة عُمان 5
11-فلسطين 11
12- الصومال 2
13- السودان 20
14- سوريا 3
15- تونس 2
16 الإمارات – قطر 19
17- اليمن 23
المجموع: 170
• يواجه العديد من الطلاب الأجانب مشاكل متعلقة بتأخير إصدار تأشيرات الدراسة، هل يمكنك شرح الأسباب الكامنة وراء هذه المشكلة؟
اعتباراً من الأول من شهر فبراير للعام الجاري 2017، لم تعد هذه المشكلة قائمة، وقمنا بحلها بشكل نهائي، ويستغرق معالجة الطلبات الجديدة للحصول على التأشيرة 14 يوماً كاملاً، تنقسم على فترتين، الفترة الأولى 7 أيام في مركز ماليزيا للمركز العالمي للخدمات التعليمية الماليزي EMGS، لغرض التدقيق الأكاديمي، و7 أيام في إدارة الهجرة الماليزية لغرض الفحص الأمني، ويتم تقديم الطلبات بشكل إلكتروني، حيث عززت هذه الخطوة التعاون مع إدارة الهجرة الماليزية وتذليل العقبات، بإنشاء قسم خاص تابع للإدارة للعمل على تسريع طلبات الحصول على تأشيرة الطالب.
• ما هي أهم المشاكل والعقبات التي تواجه الجامعات الماليزية؟
التحديات التي تواجهنا حتى الآن يمكن تلخيصها بنقطتين أساسيتين هما: الأولى الدخل، وإيجاد مصادر بديلة بشكل متقدم، إلا أن هذه المشكلة تعاني منها الجامعات في العالم، وليس فقط الجامعات الماليزية، لكن بشكل عام الجامعات الماليزية بفضل الله مازالت وستبقى قوية، أما النقطة الثانية هي جذب الطلبة الأجانب للدراسة في الجامعات الماليزية من جميع أنحاء العالم، وذلك في ظل المنافسة الشديدة، ولكننا واثقون من أدائنا وسنقدم الأفضل للمضي قدماً وللأمام.
• ما هي خططكم المستقبلية لجعل قطاع التعليم العالي متماشياً مع احتياجات سوق العمل؟
يشهد الخريجين الماليزيين نمواً متطرداً في نسبة حصولهم على وظائف بعد التخرج بنسبة 2.9%، وارتفعت النسبة مؤخراً لتصل إلى 77.1% خلال فترةٍ تمتد لـ6 أشهر فقط من تخرجهم، إلى جانب ذلك سنركز على المبادرات التي ذكرتها في الأعلى كبرنامج iCGPA، وبرنامج 2U2i، وغيرها من البرامج لتعزيز توظيف الخريجين، والإستجابة لاحتياجات السوقـ كما لدينا الخطة الرابعة للثورة الصناعية، وإعداد الخطة التعليمية الـ4، للإستعداد للصناعات المستقبلية، والتي ستركز على المنهج المختلط، والتكنولوجيا التعليمية، وعلم البيانات.
• كم هي أعداد الطلبة الماليزيين الدارسين في الدول العربية، وما هي التخصصات التي يدرسونها؟
عدد الطلاب الماليزيين الدراسين في جامعات الدول العربية والشرق الأوسط حتى يونيو 2017 بلغ 12.700 طالب وطالبة، يدرسون عدة تخصصات مثل الطب، والعلوم الصحية، والصيدلة، والدراسات العربية، وأصول الدين، وقانون الشريعة، والشريعة الإسلامية، والتحفيظ، والدراسات الإسلامية.
الدولة عدد الطلاب
مصر 11.102
الأردن 1.324
اليمن 375
المملكة العربية السعودية 234
تركيا 256
المغرب 116
السودان 65
إيران 15
لبنان 13
العراق 9
قطر 3
سلطنة عُمان 1
المجموع: 12.700 طالب وطالبة
• ما هي العوامل التي تتبعها الوزارة في تطوير جودة التعليم العالي في ماليزيا؟
تقوم الوزارة حالياً على تطبيق استراتيجية التعليم 2015- 2025، للتعليم العالي، والتي تم تحديدها بعشرة عوامل رئيسية لضمان نقل النظام التعليمي إلى مستويات أعلى، كما نحن على إطلاع دائم بالإتجاهات التعليمية الناشئة، والخطط العملية مثل الخطة التعليمية 4.0، و4IR، ونتطلع دائماً لإضافة الطابع الإنساني على التعليم العالي في ماليزيا.
• خلال عام 2020، تهدف ماليزيا لجذب 200 ألف طالب أجنبي للدراسة في مؤسساتها التعليمية المختلفة، هل يمكنك أن تخبرنا عن المزايا التي تقدمها للطلاب الذين يبحثون عن مواصلة دراستهم في ماليزيا؟
الجودة والخبرة نضعهما دائماً نصب أعيننا، فحسب تقرير منظمة اليونسكو الدولية للعام 2014، تحت عنوان التعليم العالي في آسيا، اختار الطلبة الأجانب ماليزيا كوجهةً تعليمية بسبب التنوع الثقافي والتكلفة، والرسوم، واللغة ونوعية الحياة، كما اكتسبت ماليزيا اعترافاً سريعاً من قبل الدول الأخرى كونها وجهةً تعليمية مفضلة للتعليم العالي، بسبب الجودة، والجودة العالية، والمرافق والبنية التحتية، والتكنولوجيا التعليمية المبتكرة.
في عام 2017 تم اختيار مدينة كوالالمبور ضمن تصنيف QS، كأحد المدن ذات الأسعار المعقولة للطلاب، وذلك لمدة 3 سنوات متتالية، إضافةً إلى أنها أحد الوجهات التي تتمتع بأسعار معقولة، والتكلفة المعيشية المناسبة، والرسوم الدراسية المنخفضة والتعدد الثقافي للمجتمع المحلي، إلى جانب الإستقرار السياسي والاقتصادي، كما أن هناك طلاباً من 120 دولة حول العالم يدرسون في جامعاتنا والمؤسسات التعليمية المختلفة، كما نقدم 6 آلاف برنامج وتخصص، في 300 مؤسسة للتعليم العالي، كما لدينا 9 فروع لجامعات دولية، وهي 3 جامعات أسترالية، و5 جامعات من المملكة المتحدة، وجامعة من الصين، كما يحصل الطالب على شهادة ماليزية، وشهادة أجنبية بشكل مزدوج.