“أبو الاستقلال”… من هو صاحب الصورة على عملة الرينجيت الماليزي؟

كوالالمبور – “أسواق”
ربما يخطر سؤال ببال كثير من مستخدمي عملة الرينجيت الماليزي، عن هوية صاحب تلك الصورة المطبوعة على العملة الورقية، والجواب يمكن في تاريخ سياسي ماليزي يعتبر من أهم الساسة في تاريخ ماليزيا المعاصر، ومن أهم رموز استقلال ماليزيا عن التاج البريطاني حتى أن البعض يلقبه بـ (أبو الإستقلال)، كما أن فترة عمله السياسي كانت من أصعب المراحل التي مرت بها الدولة، وحدثت فيها منعطفات وأحداث سياسية مهمة وتاريخية، إنه تونكو عبد الرحمن بوترا الحاج.
يعد تونكو عبد الرحمن أول رئيس وزراء بعد استقلال ماليزيا، حيث تولى رئاسة الحكومة في اتحاد الملايا المستقل منذ يوم الاستقلال 31 أغسطس 1957م حتى انضمام (صباح وسارارواك وسنغافورة) إلى الإتحاد عام 1963م وتشكيل ولايات الملايا المتحدة والتي تغير اسمها فيما بعد لتصبح ماليزيا، واستمر رئيسا للحكومة حتى الثاني والعشرين من سبتمبر 1970م. وكان قبل ذلك كبير الوزراء في اتحاد الملايا بين عامي 1955 حتى 1957م قبل الاستقلال.
ولد تونكو عبد الرحمن في 8 فبراير من عام 1903 في ولاية قدح، وأبوه هو السلطان الخامس والعشرين في سلطنة قدح (عبد الحميد حليم شاه)، وتزوج من العديد من السيدات من بينهن الشريفة رضية بنت السيد علوي بارقبة أحد سادة ولاية قدح.
في عام 1930، عُين تونكو عبد الرحمن-وهو رجل قانون- رئيساً لجامعة ملايا، وفي 26 أغسطس من عام 1951م، تم اختياره رئيساً لحزب منظمة الملايو الوطنية المتحدة (أمنو)، وأمنو (UMNO) هو الحزب الحاكم في ماليزيا منذ ذلك الحين حتى اليوم عدا فترة العامين الماضيين بعد انتخابات عام 2018.
في يناير من عام 1956، ترأس تونكو عبد الرحمن وفداً إلى لندن للتفاوض بشأن إستقلال إتحاد الملايا، وكانت نتيجة المفاوضات أن وافق الجانب البريطاني على منح الإتحاد حكم ذاتي والوعد بمنح الإتحاد استقلاله عام 1967، وهو ما حدث بالفعل بعد كفاح دستوري طويل، عندما وقف في ساحة الاستقلال في الثلاثين من أغسطس من عام 1957 أمام سارية العلم، ليرفع علم الإتحاد الجديد لأول مرة.
وأصبح تونكو عبد الرحمن بطل الاستقلال، وكان قد نجح في تحقيق الاستقلال بأقل التكاليف نظراً لحنكته السياسية وإدراكه بضرورة توافق جميع فئات المجتمع، وكان هذا واضحاً من خلال بناء علاقات وثيقة مع قيادات الأقليات من الصينيين والهنود الذين قبلوا بوضع مزايا معينة للملايو في مقابل منح الصينيين والهنود المواطنة الكاملة، كما نجح في قيام التحالف الحاكم حتى اليوم من ثلاثه أحزاب يمثل كل واحد منها إحدى العرقيات الكبرى الثلاث في ماليزيا.
وفي فترة الستينيات، نشب صراع سياسي بين ماليزيا وإندونيسيا في عهد سوكارنو، وواجه تونكو عبد الرحمن العديد من المشاكل والأزمات السياسية، كما بدأت الخلافات العرقية بين الملايو والصينيين تطفو على السطح، لينتهي المطاف بخروج سنغافورة من اتحاد ولايات الملايا للحفاظ على التوافق السائد في البلاد الذي أصبح مهدداً، وتوقيع اتفاقية بين ماليزيا ممثلة بتونكو عبد الرحمن وسنغافورة ممثلة بالسياسي السنغافوري لي كوان يو، تقضي بمنح سنغافورة استقلالها إعتباراً من 7 أغسطس 1965، وتسمية بقية الولايات بماليزيا.
ولاحقاً وفي عهد تونكو عبد الرحمن حدثت العديد من الاضطرابات العرقية، أدت في عام 1969م إلى مقتل 143 شخصاً من الصينيين و25 من الملايو. ثم جاء رئيس الوزراء الثاني تون عبد الرزاق بن حسين وهو والد رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق- والذي أعلن السياسة الاقتصادية الجديدة التي داخلت مصالح المجتمع الماليزي وهدفت إلى تحسين أوضاع البلاد، بما يضمن عدم تكرار موجات العنف.