أخبار

ماليزيا والاستقلال.. شخصيات بارزة وحكومات متعاقبة

كوالالمبور – “أسواق”

تعتبر ماليزيا دولة ملكية انتخابية دستورية فيدرالية، كما أن لها مجلس سلاطين وملك يتم اختياره من بينهم.

ويتم انتخاب الملك لفترة ولاية مدتها خمس سنوات من بين السلاطين التسعة لولايات الملايو، أما الولايات الأربع الأخرى التي تمتلك حكاماً اسميين، لا تشارك في الانتخاب.

ونظام الحكم في ماليزيا شبيه جداً بنظام وستمنستر البرلماني، وهو من آثار الاستعمار البريطاني لماليزيا.

منذ الاستقلال في عام 1957، تعاقب على ماليزيا العديد من الحكومات والتي في مجملها من تحالف مالاوي ومتعدد الأحزاب عرف باسم “باريسان ناسيونال”، كما تتمتع السلطة القضائية باستقلالية عن السلطات التشريعية والتنفيدية في البلاد.

ومنذ استقال ماليزيا لمعت أسماء سياسية عدة شغلت منصب رئاسة الوزراء من أبرزهم:

تنكو عبد الرحمن:

تنكو عبد الرحمن (1903 – 1990) هو أبو ماليزيا المستقلة وأول رؤساء حكومتها، وهو
سليل أسرة مالكة من ولاية كداه بشبه جزيرة الملايو، أبوه السلطان عبد الحميد حليم شاه، وهو محام خريج جامعة كامبريدج البريطانية العريقة.

وقد تولى المنصب بين 1955 وحتى 1970، ومن قبل تولى تنكو عبد الرحمن بين 1955 و1957 منصب الوزير الأول لاتحاد الملايو قبل أن يصبح أول رئيس الوزراء بعد استقلال الملايو عام 1957.

 ومن ثم احتفظ بمنصبه بعد دمج كل من ساراواك وصباح وسنغافورة (التي انسحبت لاحقاً) بالملايو لتتأسس ماليزيا الحديثة، واستمر في قيادة البلاد حتى 1970، عندما خلفه في المنصب نائبه تون عبد الرزاق. ولقد كان تنكو عبد الرحمن أول أمين عام لمنظمة التعاون الإسلامي من عام 1970 وحتى 1973م.

مهاتير محمد:
طبيب ورئيس وزراء حكم ماليزيا لفترة طويلة، ولد عام 1925، في ولاية كداه، وتولى الحكومة للمرة الأولى عام 1981 وحتى عام 2003، ينظر له باعتباره مسؤولاً عن التحولات الكبرى في اقتصاد البلاد من الزراعة إلى الصناعة، فضلاً عن وضعها بمصاف الدول الواعدة.
بدأ مهاتير محمد حياته العملية بممارسة مهنة الطب، حتى إنه عنون مذكراته الشخصية الصادرة عام 2011 بـ”طبيب في رئاسة الوزراء”.

نال مهاتير عضوية البرلمان عن تحالف «أومنو» القومي الماليزي عام 1964، وطرد من الحزب فيما بعد بسبب كتاباته المنتقدة لعرقية الملايو، لكن تمكن من العودة لصفوف الحزب الحاكم، وشغل منصب وزير التعليم قبل رئاسة الوزراء.
شهدت سنوات حكمه فترة صعوده فورة ذات طابع تصنيعي، وهي الفترة التي صنفت فيها ماليزيا ضمن «النمور الآسيوية» في إشارة إلى اقتصادها الواعد، ورغم مغادرته لرئاسة الوزراء فقد ظل فاعلاً وحاضراً في السياسة الماليزية، لكنه استقال من الحزب الحاكم عام 2008 معتزلاً العمل السياسي، وخلفه رئيسان للوزراء عبد الله بدوي ونجيب رزاق.
واجهت سنوات حكم مهاتير انتقادات حقوقية، ومنها ما يتعلق بتجاوزاته المزعومة وإداراته للخلافات مع خصومه أو حلفائه، ومن أبرز تلك المحطات صدامه الكبير مع نائبه السياسي البارز أنور إبراهيم في نهاية التسعينات، الذي انتهى سجيناً بتهم أخلاقية.

لكن مهاتير عاد وتحالف مع إبراهيم عام 2018 ولعب دوراً في إصدار عفو عنه، وخاضا الانتخابات البرلمانية معا ضمن «تحالف الأمل»، وتولى مهاتير رئاسة الوزراء كأكبر رئيس حكومة في العالم سناً، وبعد سنتين تقدم باستقالته.

نجيب رزاق:
وهو رئيس الوزراء السادس لماليزيا منذ استقلالها عام 1957، وشغل رئاسة الحكومة لتسع سنوات تقريباً (2009: 2018)، وينحدر من أسرة سياسية بارزة، إذ إنه نجل تون عبد الرزاق رئيس الوزراء الثاني في تاريخ البلاد.
تلقى رزاق تعليماً رفيعاً ودرس الاقتصاد في جامعة نوتينغهام ببريطانيا كما حصل على درجة الدكتوراه عام 1974.
مضى بمسار الحياة البرلمانية وصولاً إلى تولي الحكومة، حيث تنقل بين حقائب التربية، والاتصالات، والمالية، والدفاع، وكان نائباً لرئيس الحكومة عبد الله بدوي، وخلفه بعد استقالته عام 2009.
خلال السنتين الأخيريتين من حكمه بدأت تتسرب أنباء تهم الفساد والثراء غير المشروع لرزاق وعائلته، ولم تفلح محاولاته لإقصاء مناوئيه من الحزب الحاكم مثل محيي الدين ياسين، في وقف كرة الثلج التي أطاحت بحكمه.

وبعد نجاح “تحالف الأمل” بقيادة مهاتير محمد وأنور إبراهيم في إزاحته من خانة الغالبية، غادر رزاق موقعه رئيساً للوزراء وفقد «ائتلاف جبهة الملايو» رئاسة الحكومة للمرة الأولى منذ تأسيسه.

وأخضع نجيب رزاق للاعتقال فور مغادرة السلطة، ووجهت له السلطات منذ يوليو (تموز) 2018 تهم فساد بشكل رسمي، تتعلق بـ”اختلاس ملايين الدولارات من أحد الصناديق الاستثمارية السيادية التابعة للدولة، والتي ثبتت عليه مؤخراً وحكم على إحداها بالسجن الفعلي لمدة 12 عاماً، فيما لا يزال يخضع للمحاكمة في بقية القضايا الأخرى هو وزوجته.

محي الدين ياسين:
يبلغ محي الدين ياسين من العمر 74 عاما وقد درس في جامعة ماليزية محلية وعمل بشركات متعددة مملوكة للدولة ودخل معترك السياسة عام 1978 نائبا في البرلمان عن دائرة باغوه في جوهور.

وبصفته عضوا في حزب أومنو تولى العديد من المناصب منها الوزير الأول لإقليم جوهور بين عامي 1986 و1995.

كما تولى مناصب مهمة في عهد 3 من رؤساء الحكومات وخدم في حكوماتهم واحداً تلو الآخر، وكان قد نجا من المرحلة الانتقالية بين مهاتير محمد وخليفته عبد الله بدوي ليعود وينجو مجددا في عهد نجيب رزاق.

وفي عهد رزاق تولى منصب نائب رئيس أومنو ونائب رئيس الحكومة، كما عمل وزيراً للتعليم وفي عهده أنهى تعليم الحساب والعلوم باللغة الإنجليزية.

وفي عام 2015 أقاله نجيب رزاق من منصبه على خلفية انتقادات وجهها لرزاق في ما يتعلق بقضية الصندوق السيادي الماليزي، كما أن موقفه من هذه القضية أدى أيضاً للإطاحة به من أومنو في عام 2016.

وفي أواخر ذلك العام أسس محي الدين حزباً جديداً هو حزب بيرساتو أي السكان الأصليين لماليزيا والذي تولى رئاسته.

وقد انضم بيرساتو لاحقا إلى تحالف باكتان بقيادة مهاتير وأنور والذي فاز بانتخابات عام 2018.

وهكذا ساعد محي الدين في هزيمة رئيس وزراء خدمه وإعادة رئيس وزراء خدمه في وقت سابق للسلطة، وعندما تشكلت الحكومة حصل على حقيبة مهمة وهي وزارة الداخلية.

وبعذ ذلك بفترة قصيرة ذهب إلى سنغافورة للعلاج من السرطان حيث قام رئيس حكومتها لي هسين لونغ وكبار مسؤولي الجزيرة بزيارته.

وبعد شفائه عاد إلى ماليزيا لاستئناف عمله، ولكن سرعان ما بدأت المشاكل داخل باكتان.

وفي 24 فبراير شباط من العام الجاري 2020م، أعلن محي الدين انسحاب بيرساتو من باكتان والانضمام للتحالف مع أمنو، مما مهد لانهيار الحكومة وفقدانها الأغلبية البرلمانية.

وأخيراً وبعد العمل مع 3 رؤساء حكومات صار محي الدين ياسين بنفسه رئيسا للحكومة الماليزية قبل أن يستقيل منها بعد ضغط عليه من الشارع وحتى من كانوا حليفاً له وخاصة قيادات حزب أمنو.

إسماعيل صبري يعقوب:

وُلِد إسماعيل صبري في عام 1960 في تيمرلوه بولاية باهانج، ثالث أكبر الولايات الماليزية. ودرس القانون في كلية الحقوق في جامعة ماليزيا، وبدأ مساره المهني في المحاماة عام 1985، وقبل الانخراط في دوائر الحكم شغل إسماعيل صبري منصب الأمين العام السياسي لوزارة الثقافة والفنون والسياحة في عام 1995، كما عُين في مجلس إدارة باهانج تينجارا في نفس العام ومجلس ترويج السياحة الماليزية. وقبل دخوله البرلمان كان إسماعيل صبري رئيساً لمجلس إدارة المجمع الرياضي الوطني.

دخل رئيس الوزراء التاسع عالم السياسة، وتدرج فيها، فمنذ عام 1987 حين عُين عضواً في لجنة تيمرلوه بحزب أومنو، لكنه لم يدخل إلى البرلمان إلا في عام 2004 مع انتخابه نائباً عن منطقة بيرا، وشغل منصب وزير الشباب والرياضة في حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله بدوي في الفترة بين عامي 2008 و2009.

ومن المناصب السياسية الأخرى التي تولاها، وزير التجارة الداخلية في حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق بين عام 2009 و2013، ومنصب وزير الزراعة في الفترة بين 2013 و2015، والوزير الاتحادي للتنمية الريفية والإقليمية بين عامي 2015 و2018. وعين وزيراً للدفاع عام 2020، وترفع في منصبة ليكون نائباً لرئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين.

أثار صبري بعض الجدل في عدد من المناسبات في قضايا حساسة، ففي عام 2015 أثار جدلاً بعد منشور له في صفحته على “فيسبوك” يدعو فيه المستهلكين من ذوي عرق الملايو إلى مقاطعة الشركات الصينية المحتكرة والمتربحة، التي تنحاز لرواد الأعمال ذوي العرق الصيني عن غيرهم، مطالباً بضرورة ممارسة الملايو لسلطة المستهلك لمنع التربح من قبل الصينيين الماليزيين الذين يسيطرون على أكثر من 90 في المئة من الاقتصاد الماليزي، لكنه حذف ذلك المنشور بعد ضغوط.

ملفات عديدة على طاولة رئيس الوزراء الحالي، وكثير من التحديات والقضايا الشائكة التي ينبغي على صبري التعامل معها ومواجهتها خلال فترة حكمه كرئيس وزراء تاسع لماليزيا. فأمامه طريق صعب لعودة الانتعاش الاقتصادي، والخروج بنقاط ترفع شعبيته قبل إجراء الانتخابات العامة الخامسة عشرة والتي من الممكن أن تكون مبكرة كما يضغط حزبه أمنو.

المصدر: أسواق – بي بي سي – جريدة الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat