مصر وماليزيا.. علاقات تاريخية وحاضر مميز

كتب – سعادة السفير جمال متولي سفير مصر في ماليزيا
تعود العلاقات المصرية- الماليزية بجذورها إلي ثلاثينيات القرن العشرين بقدوم طلاب ماليزيا لتلقي العلم في الأزهر الشريف والذين وصل عددهم الآن إلي ما يقارب الـ15 ألف طالب. وترجع العلاقات الدبلوماسية إلي عام 1959 ما بعد استقلال ماليزيا، حيث قامت حكومة الاتحاد الماليزي بتعيين سفيراً لها في القاهرة عام 1960.
تتسم العلاقات الثنائية بين البلدين بطابع خاص يعكسه العديد من المؤشرات الإيجابية للتعاون المشترك علي كافة الأصعدة. فعلي الصعيد الثنائي، توجد عدة اتفاقات ومذكرات تفاهم بين البلدين جارى دراستها لتجديدها منها اتفاق لتعزيز التبادل السياحي واتفاق فى مجال الشباب والرياضة و آخر في مجال التعليم العالى.
ويعد التعاون في مجال التعليم الركيزة الأساسية في العلاقات بين الجانبين، والتي تنعكس في عدد الطلاب الماليزيين الدارسين بالأزهر الشريف وتقديم الأزهر لـ18 منحة فى العلوم الشرعية للطلبة الماليزيين و100 منحة لتدريب الائمة والوعاظ. وجدير بالإشارة إلي أن فرع ماليزيا للرابطة العالمية لخريجي الأزهر -والتي أنشأها الأزهر في السنوات الأخيرة- يعد واحد من أقوي فروع الرابطة علي مستوي العالم الإسلامي و أكثرها نشاطاً.
ويمتد التعاون التعليمي إلي إقبال الطلاب الماليزيين علي دراسة التخصصات العلمية في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، للكفاءة المعروفة للجامعات المصرية في تدريس تلك التخصصات؛ علماً بأن وزارة التعليم العالى المصرية تقدم 20 منحة جامعية فى المجالات الشرعية والنظرية و6 منح لدراسة اللغة العربية.
علي صعيد العلاقات التجارية والاستثمارية، ترحب مصر بالاستثمارات الماليزية علي ضوء تميز الشركات الماليزية وتحديداً شركة EDRA لتوليد الكهرباء، وشركة Petronas للغاز، وغيرها من الشركات في مجالات الغاز وتوليد الكهرباء وإنتاج زيت النخيل.
تجدر الإشارة إلي أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ خلال 2017 حوالي 609 مليون دولار، وبلغت قيمة الصادرات المصرية 132 مليون دولار ( 91 مليون صادرات غير بترولية و45 مليون صادرات بترولية) بينما يبلغ حجم الواردات من ماليزيا 477 مليون دولار، ويعد الفوسفات السلعة الرئيسية في الصادرات المصرية إلى ماليزيا وزيت النخيل كسلعة إستراتيجية في الواردات المصرية من ماليزيا.

وعلي مستوي العلاقات السياحية، تعد مصر أحد المقاصد السياحية للماليزيين في دول منطقة الشرق الأوسط بعد السعودية التي تتصدر دول المنطقة المستقبلة للسياحة الدينية الماليزية المتمثلة في الحج والعمرة بأعداد تصل إلى حوالي 350 ألف سنوياً بين حاج ومعتمر، كما تعتبر ماليزيا واحدة من الوجهات السياحة للمصريين في منطقة جنوب شرق آسيا بجانب تايلاند، حيث تستقبل ماليزيا سنوياً عدة آلاف من السائحين المصريين لما توفره من تقارب ثقافي واجتماعي كونها دولة مسلمة، فضلاً عن سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها ماليزيا من خلال عدم اشتراط حصول رعايا الدول العربية على تأشيرات مسبقة لدخول أراضيها .
قام وفد رجال الأعمال المصري لمجلس الأعمال المصري- الماليزي برئاسة د. شريف جبالي وعضوية عدد من كبار رجال الأعمال (م. معتز رسلان، م. عبد السلام الجبلي، م. ماجد المنشاوي، م. أحمد نافع، م.أحمد بهجت) بزيارة ماليزيا في الفترة من 21-24 إبريل 2019؛ حيث تم الالتقاء بوزير السياحة الماليزي، ووزيرة الصناعات الأولية، ونائب وزير التجارة، ورئيس هيئة تنمية التجارة MATRADE ورئيس الغرفة الوطنية للتجارة، وتم تنظيم عدد من اللقاءات الحيوية مع نظرائهم من كبار رجال الأعمال والشركات الماليزية وعلي رأسها شركة بروتون، و شركة GAS NATIONAL وشركة الإنشاءات والتعمير الماليزية، ومن أبرز نتائج الزيارة:
- الاتفاق علي دفع فرص الاستثمار المشترك وتعزيز التبادل التجاري بين الجانبين،
- تنظيم زيارة لوفد رجال الأعمال الماليزي وهيئة تنمية التجارة الماليزية والغرفة الوطنية الماليزية لزيارة لمصر خلال العام الحالي.
- · بحث مسألة تعيين رئيساً للجانب الماليزي لمجلس الأعمال المشترك.
- توجيه وزير السياحة الماليزي دعوة لنظيرته المصرية د. رانيا المشاط، ولوزير الطيران المدني المصري لحضور المؤتمر الدولي للسياحة المقرر لماليزيا استضافته في أغسطس 2019.
- بحث سبل عودة خط مصر الطيران لتعزيز التعاون التجاري وتبادل وفود رجال الأعمال والسياحة بين البلدين.
إن حرص ماليزيا علي تعزيز العلاقات المشتركة يدفع إلي الاستفادة من التقارب الماليزي لمصر وبحث فرص فتح آفاق جديدة للتعاون في المجالات المختلفة، ولعل الزيارة الأخيرة لوفد الأعمال المصري تمثل بادرة للزيارات الرسمية المتبادلة بين الجانبين المصري- الماليزي