الرئيس التنفيذي لفضائية الهجرة الماليزية في حوار خاص مع “أسواق”: “نتطلع لتقديم رسالة الإسلام الصحيحة ونشر القيم والأخلاق الإسلامية”

كوالالمبور – أنس سلمان
لا يستطيع أي شخص أن يُنكر الدور الهام الذي تلعبه وسائل الإعلام المختلفة في العصر الحديث سواء بالتأثير على سلوك الأفراد أو المجتمعات، كما لا يُمكن دور الرسائل الإعلامية في التأثير على السلوك والعادات في أي مُجتمع، حيث تعتمد الدول على توجيه رسائلها الإعلامية بما يخدم المصلحة العليا لها وبما يُحقق النهج السليم والمُعتدل.
وفي مجتمع مثل ماليزيا حيث تتزاحم الأعراق والقوميات واللغات، وجب على الحكومة الماليزية وضع ضوابط أساسية تُنظم سير الرسالة الإعلامية بما لا يتعارض مع مصالح الدولة وتحقيق الألفة والانسجام بين أطياف المجتمع.
يُشكل المسلمون الأكثرية في ماليزيا، الأمر الذي دعا الحكومة الماليزية إلى تبني سياسة إعلامية لتوعية الشعب الماليزي المُسلم برسالة الإسلام السمحة والوسطية في ظل الزخم الهائل من وسائل الإعلام العالمية، وفي محاولة منها لنشر الصورة الصحيحة عن الفرد المُسلم والأمة الإسلامية للجمهور الداخلي والخارجي.
وضمن توجهاتها لنشر التوعية الإسلامية في ماليزيا والدول المجاورة، أطلقت الحكومة الماليزية قناة تلفزيونية إسلامية تحت اسم “فضائية الهجرة” عام 2009، حيث أسهمت القناة ومنذ تأسيسها في رسم صورة صحيحة للفرد المُسلم، وفي زيادة التوعية والتعليم حول الإسلام الوسطي.
وللحديث أكثر عن قناة الهجرة التلفزيونية، وللتعرف أكثر على رسالتها وتوجهاتها، كان لنا هذا الحوار مع الرئيس التنفيذي للقناة الحاج إيزلان باسار:
• بداية، كيف جاءت فكرة تأسيس فضائية الهجرة؟
جاءت الفكرة من قبل الحكومة الماليزية بهدف تأسيس قناة تلفزيونية متوافقة مع الشريعة الإسلامية ، وكان رئيس الوزراء ونائبه ووزير الشؤون الإسلامية من أبرز الداعمين لفكرة هذا المشروع، فأصبحت حقيقة على أرض الواقع وتتبع لمكتب رئيس الوزراء بشكل مُباشر.
• ما هو الهدف الرئيسي لتأسيس الفضائية؟
في الواقع هنالك العديد من الأهداف التي دفعت الحكومة الماليزية لتبني وإطلاق هذه القناة أبرزها هو تعليم وتعريف المسلمين وغير المسلمين بالإسلام، إلى جانب جعل كافة المسلمين على دراية واطلاع متواصل بمبادئ الإسلام وأسلوب الحياة والتثقيف.
ومنذ انطلاقة القناة، انصب التوجه نحو المجتمع الماليزي بشكل خاص، وخلال السنوات القيلية الماضية رأيت بأنه بإمكاننا وبمقدرتنا تجاوز حدود ماليزيا والانطلاق نحو مجتمعات إضافية قريبة، إضافة للتعاون والتنسيق مع جميع القنوات الإسلامية في مختلف دول العالم بما يشمل تبادل البرامج والتدريب والخروج بتوصيات مُشتركة من شأنها تعزيز رسالتنا المُتمثلة في نشر القيم والأخلاق الإسلامية.
“نريد أن نعيش سوياً في ماليزيا في روح تسودها المحبة والإنسجام بعيداً عن الفرقة والعنصرية”
• في مجتمع مثل ماليزيا حيث الغالبية من المسلمين، ما هي الرسائل التي توجهها القناة لهذا المجتمع؟
منذ الانطلاقة ونحن نهدف للتعريف السليم عن الإسلام ونشر مبادئه وأحكامة، ونشر المعرفة الشاملة عن الإسلام للمسلمين في ماليزيا، أما بالنسبة لغير المسلمين فجميع رسائل القناة تدعو إلى الوحدة والتسامح والسلام، لهذا نقوم بنشر جمال الإسلام وسماحته لغير المسلمين، ونريد أن نعيش سوياً في دولة تسودها روح المحبة والإنسجام بعيداً عن الفرقة والعنصرية، ونريد أيضاً أن نعيش في تسامح بصرف النظر عن تعدد الثقافات والعادات، وهذا ما يُمكننا من العيش في أمن وأمان.
• ما الذي يُميز قناة الهجرة عن غيرها من القنوات الإسلامية الماليزية والعالمية؟
لا أعتقد أنه يجب علينا أن نكون مختلفين عن بعضنا البعض، بل نعمل سوياً في أهدافنا ورسالتنا التي انطلقنا من أجلها وأمرنا بها ديننا الإسلامي، كما يجب علينا العمل لتحسين صورة الإسلام أمام سوء الفهم الذي يتعرض له خاصة في العصر الحالي، وهذا للأسف لم نعمل عليه بشكل كاف إلى الآن.
وهنا دعني أضرب مثلاً أنه وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، هنالك الكثير من أراد التعرف على الإسلام وفهم تعاليمه، لكن المسلمين في تلك الفترة لم تكن لديهم المبادرة في التعريف الصحيح بالإسلام ومشاركة تعاليمه لغير المسلمين، فنشر رسالة الإسلام أهم من الدفاع، وهذا من وجهة نظري واجب علينا كمسلمين للبدء في المشاركة والتعريف عن الإسلام، فالأمر لا يقتصر على العلماء والشيوخ، بل على جميع المسلمين.
• في ضوء ما يجري حالياً في العالم والاتهامات التي تُكال للمسلمين ووصفهم بالإرهاب، ما هي الرسائل التي توجهها قناة الهجرة للتعريف السليم عن الإسلام؟
هذا الأمر في غاية الأهمية، والأمر ليس مقتصراً فقط على قناة الهجرة، بل بتضافر الجهود مع جميع وسائل الإعلام الإسلامية العالمية نستطيع أن نُحدث شرخاً في هذه القضية، فلدينا كمسلمين إمكانيات هائلة في جميع أنحاء العالم، وهذا يُساعد بشكل أساسي في تحسين الصورة النمطية السائدة عن المسلمين.
وبالنسبة لقناة الهجرة، فمنذ انطلاقتنا انصب التركيز أولاًعلى نشر التعليم والمعرفة الإسلامية للمسلمين في ماليزيا، وثانياً نشر جميع المعلومات عن الإسلام لغير المسلمين في ماليزيا، وأستطيع القول أنه وبعد تحقيق هذا يُمكننا التوسع خارج الحدود إقليمياً وعالمياً، فنحن نخطو بخطوات مدروسة قبل كل مرحلة، لكننا نطلع مُستقبلاً للتوسع والانتشار ويكون لنا دور هام بين وسائل الإعلام الإسلامية العالمية.
“المسلمون يتحملون الجزء الأكبر مما يحدث في عالمنا الإسلامي وعلينا مصالحة أنفسنا أولاً”
• من وجهة نظرك، ما هي أبرز التحديات التي تواجه العالم الإسلامي في الوقت الحالي؟
أعتقد أن أبرز التحديات التي تواجه العالم الإسلامي هي من المسلمين أنفسهم، ولا نستطيع إلقاء اللائمة على الغير، المُشكلة من عندنا نحن كمسلمين، علينا أن نُحاسب أنفسنا قليلاً، علينا تصحيح معتقداتنا ومفاهيمنا من الداخل، ونتصالح مع بعضنا البعض، ونتخلى عن العنصرية والحقد والكراهية، فالتصحيح الداخلي أهم من لوم الآخرين.
فكل فرد في الأمة يجب عليه أن يكون خير سفير للإسلام، لا نترك هذه المهمة لغيرنا ليشوه الحقيقة ويطمسها، فالإسلام مسؤوليتنا جميعاً، لا نتركها لقناة تلفزيونية أو مسجد أو مركز إسلامي فقط، علينا جميعاً أن نقوم بهذه المهمة.
• ما هي مسؤولية وسائل الإعلام الإسلامية لتفنيد الاتهامات ودحضها؟
من الضروري فهم الإسلام بشكل سليم وصحيح، فالإسلام واضح وبسيط، لكن دورنا هو كيفية التواصل السليم وطريقة نشر هذه الرسالة لتكون سهله للفهم والإقناع، وهذا يتم عبر نوعية البرامج التلفزيونية وتحديد الجمهور المُستهدف ونوعية الرسالة الإعلامية.
قد يكون الأمر صعباً في البداية، لكن مع تضافر الجهود وصدق النوايا تكون الرسالة قد حققت أهدافها على المدى القريب، لكن الأهم أولاً أن نتصالح مع أنفسنا، وأن يكون الحوار هو الطريق الذي نسلكه في معالجة القضايا التي واجه هذه الأمة لكي نكون مؤثرين في غيرنا ويسهل إقناعهم برسالة الإسلام وكسب قلوبهم.
“المشاهدون للبرامج الدينية في زيادة ملحوظة وسريعة حول العالم مع تراجع مشاهدة البرامج التقليدية”
• في الوقت الحالي، القنوات التلفزيونية هي من تبحث عن المشاهد وليس العكس، كيف تقومون بدوركم في كسب قلوب المشاهدين وعقولهم؟
دعني أكون واضحاً في هذه المسألة، في الوقت الحالي نسبة المشاهدين للقنوات التلفزيونية في هبوط مستمر في جميع دول العالم وبشكل سنوي، وهذا عائد إلى الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل التواصل الحديثة، فغالبية المُشاهدين بدأت بالتوجه نحو هذا النوع من الإعلام لتلقي المعلومات أو للترفيه.
لكن المشاهدون للبرامج الدينية لمختلف الأديان حول العالم في زيادة ملحوظة وسريعة، فكلما أصبح العالم أكثر تعقيداً لجأ الناس إلى الدين والبرامج الدينية، وهذا أيضاً ينطبق على البرامج الدينية الإسلامية، وأضيف أيضاً بأن مشاهدة القنوات التلفزيونية تمر بمراحل متفاوت في بعض الأحيان، بحيث تزداد نسبة المشاهد وتهبط بشكل دوري، لكن المسؤولية تقع على عاتق القناة أو الأدارة في طرح برامج جذابة للمشاهدين من حيث المحتوى والابتكار وطريقة التقديم التي يجب أن تكون متماشية مع التطورات والابتكارات التكنولوجية والعصرية.
“تقديراً من ماليزيا للغة العربية وللعالم العربي أطلقنا نشرة إخبارية يومية باللغة العربية”
• ما الهدف من إطلاق قناة الهجرة الماليزية لنشرة إخبارية يومية باللغة العربية؟
في الحقيقة فإن اللغة العربية أصبحت لغة ضرورية في العالم الإسلامي للفهم الدقيق لمعاني القرآن الكريم، ولتطبيق شعائر الإسلام كالحج والعمرة والصلاة، لهذا من الضروري على المسلم أن يتعلم هذه اللغة أو مفردات تمكنه من أداء الشعائر بطريقة سليمة.
الأمر الآخر يتمثل في الكم الهائل من الأخبار من المتدفقة من العالم العربي، لهذا فمن واجبنا تقديم نشرة أخبار باللغة العربية لمخاطبة جميع الشعوب ودعوتها للسلام، ولتقديرنا في ماليزيا للغة العربية وللعالم العربي وجدنا أنه ومن الواجب تكريم هذه اللغة بنشرة يومية تُبث من ماليزيا.
• هل لديم اتفاقيات ومذكرات تفاهم من وسائل إعلامية عربية وإسلامية؟
بالتأكيد لدينا تعاون مع مؤسسات إعلامية في الكويت والمملكة العربية السعودية وجنوب أفريقيا، ونتطلع للتعاون مع الجميع في العالم الإسلامي، ونستقبل هنا أسبوعياً ضيوفاً من دول اسلامية مختلفة يتطلعون للتعاون وتبادل البرامج.
في سطور…
– الحاج إيزلان باسار من مواليد مدينة جوهور جنوب ماليزيا.
– عمل مستشاراً لشبكة قنوات “آسترو” التلفزيونية الماليزية لمدة 14 عاماً.
– لديه خبرة وصلت لـ 27 عاماً في المجال الإعلامي في ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة والهند.