حوارات

حوار خاص لـ “أسواق” مع السفير اللبناني في ماليزيا

السفير اللبناني “الوعي الكبير والثقافة العالية التي تتمتع بها الجالية اللبنانية في ماليزيا تسهل الكثير من أمورها”

كوالالمبور ــ وائل قرصيفي

ربما تكون العلاقة بين لبنان وماليزيا حديثة العهد رسميًا، إلا أن علاقة لبنان بمنطقة جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ قديمة العهد، وترتبط بالهجرات الكبيرة التي مرت من تلك المنطقة نحو أستراليا منذ بدايات القرن التاسع عشر، واليوم تتمثل العلاقة الرسمية بين لبنان وماليزيا من خلال السفارة اللبنانية في العاصمة كوالالمبور التي تمثل صلة الوصل بين البلدين على مختلف الصعد.

“أسواق” توجهت إلى السفارة اللبنانية للقاء سعادة السفير جورج بيطار غانم، والحديث معه حول مختلف جوانب وإضاءات العلاقة التي تربط لبنان بماليزيا والأفق المستقبلية لهذه العلاقة، وكان لنا مع سعادته هذا الحوار.

. سعادة السفير هل يمكن أن تحدثنا باختصار عن مسيرتكم الدبلوماسية كممثلين للبنان؟

قبل دخول السلك الدبلوماسي عملت محاميًا منذ عام 1991 حتى 1996، وكنت قبلها دخلت في مباراة تحت تنظيم وزارة الخارجية للعمل في السلك الدبلوماسي حيث قُبلت في شهر شباط من عام 1996 وتم تعييني في نفس العام، وتدرجت في مختلف مديريات وزارة الخارجية اللبنانية، حتى تم تعييني كسكرتير ثالث في سفارة لبنان لدى المكسيك حيث قضيت عامًا ونصف، ثم انتقلت إلى السفارة اللبنانية في سويسرا حيث عُينت في منصب السكرتير الثاني ثم الأول، وقضيت فيها أربع سنوات ونصف. في عام 2005 نُقلت إلى الهند في منصب السكرتير الأول للسفارة اللبنانية، وقضيت هناك 4 سنوات أيضًا.

عام 2009 عُدت إلى بيروت وعملت كمسؤول عن دائرة الجامعة العربية في وزارة الخارجية، قبل أن أعمل كمستشار في مكتب وزير الخارجية الدكتور علي الشامي، ثم مديرًا للشؤون الإدارية والمالية في عهد الوزير الدكتور عدنان منصور، قبل أن أُعين في منصب القنصل العام اللبناني في أستراليا بمدينة سيدني عام 2012، إلى أن تم تعييني في منصب السفير اللبناني لدى مملكة ماليزيا في يناير 2018 ولاحقًا لدى سلطنة بروناي.

. كيف تنظُرون للعلاقة اللُبنانية – الماليزية بشكل عام على مُختلف الصعد؟

العلاقة اللبنانية – الماليزية علاقة جيدة وودية بشكل متبادل سواء على الصعيد السياسي أو العسكري وبشكل أقل على الصعيد الاقتصادي، كما أن العلاقة تعتبر حديثة نسبيًا، حيث افتتحت السفارة في ماليزيا في عام 2004، وكان لي بكل تواضع دور في ذلك حيث عملت في سنة 1996 على إعداد مشروع مرسوم إنشاء السفارة لدى ماليزيا، خصوصًا في ظل العلاقة المميزة التي كانت تجمع بين رئيس الوزراء اللبناني الشهيد رفيق الحريري ورئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد. وبشكل عام فإن العلاقة المتبادلة بين البلدين علاقة جيدة وقائمة على الاحترام المتبادل بين الطرفين من مختلف الجوانب.

. كم يبلغ حجم الجالية اللبنانية في ماليزيا؟ وكيف تقيمون وضعها؟

تبعًا للأرقام الرسمية لدينا في السفارة فإن عدد ملفات اللبنانيين يبلغ 640، لكن العديد منهم لا يقيمون بشكل دائم في ماليزيا بل يتنقلون بينها وبين دول أخرى، فعدد المقيمين الثابتين في البلد يبلغ حوالي 250 مواطنًا فقط في مختلف الولايات ومعظمهم مقيم في العاصمة كوالالمبور، وتتكون الجالية من رجال الأعمال الذين يملكون مشاريعًا في البلاد إضافة لأصحاب المطاعم، كما يوجد العديد من اللبنانيين الذين تزوجوا من ماليزيات واندمجوا بشكل كبير في المجتمع الماليزي، فيما يعتبر طلاب الجامعات النسبة الأقل بين الجالية اللبنانية في ماليزيا.

. ما هي أبرز الأدوار والمهمات التي تضطلع بها السفارة اللبنانية لخدمة مواطنيها في ماليزيا؟

واحد من أهم الأدوار التي نعمل عليها في السفارة اللبنانية هو مساعدة رجال الأعمال وأصحاب الشركات على تثبيت أعمالهم وتطويرها في ماليزيا وبروناي وفتح فرص استثمارية أمامهم. فعلى سبيل المثال نحن نعمل على فتح باب مشروع كبير لتصدير السيارات نحو بروناي لأحد رجال الأعمال اللبنانيين المقيمين في ماليزيا. إضافة لذلك نعمل في السفارة على مساعدة المواطنين اللبنانيين في موضوع الضرائب والإجراءات الإدارية وغيرها من الخدمات التي قد يحتاجونها لعملهم ومعيشتهم في ماليزيا.

من جانب آخر فإن الوعي الكبير والثقافة العالية التي تتمتع بها الجالية اللبنانية في ماليزيا تسهل الكثير من الأمور ومن تعامل الجانب الماليزي مع السفارة والجالية اللبنانية، حيث يحرص اللبنانيون دائمًا على عدم مخالفة أي قوانين وقواعد قائمة في البلاد، وهو ما يسهل عملنا بشكل كبير.

. بالنسبة للعلاقة الاقتصادية بين لبنان وماليزيا… كيف تقيّمونها وكم يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين؟

علاقة لبنان الاقتصادية بالعديد من دول العالم ولا سيما دول منطقة جنوب شرق آسيا هي علاقة متواضعة، وحركة التبادل التجاري بين البلدين متواضعة وخجولة، حيث يصدر لبنان منتجات إلى ماليزيا بقيمة 10 مليون دولار، فيما يستورد من ماليزيا منتجات بقيمة تصل إلى 60 مليون دولار، وهي أرقام صغيرة مقارنة بحجم التبادل التجاري بين ماليزيا والدول العربية الأخرى، خصوصًا مع قدم العلاقة التجارية بين تلك الدول وماليزيا على عكس العلاقة الحديثة بين ماليزيا ولبنان، لكننا نتوق إلى تقوية وتعزيز التبادل التجاري والعلاقة الاقتصادية بين البلدين وذلك من خلال تأييدنا ودعمنا الدائم لأي جهود رسمية أو مبادرات فردية وخاصة لتعزيز العلاقة الاقتصادية بين البلدين.

. هل تقدم الحكومة الماليزية أية تسهيلات خاصة للمواطنين اللبنانيين بشكل خاص؟

لبنان يعتبر من الدول القليلة التي تمنح ماليزيا لمواطنيها حق دخول البلاد لمدة 90 يومًا دون سمة دخول مسبقة، حيث يعبّر ذلك عن التقدير والاحترام الكبير الذي تكنّه ماليزيا للبنان والمواطنين اللبنانيين، وبدوره فإن لبنان يمنح الماليزيين إمكانية دخول أراضيه لمدة شهر عبر سمة يمكن الحصول عليها بسهولة كبيرة، وهذه السهولة التي يملكها اللبنانيون في دخول ماليزيا ترجع كما ذكرت بشكل أساسي إلى السلوك الممتاز للمواطنين اللبنانيين في ماليزيا وعدم مخالفتهم لقوانين الزيارة والسياحة الموجودة في ماليزيا.

. لبنان وماليزيا يعتبران من الوجهات السياحية الشهيرة في العالم، فما هي أهم الجهود التعاونية بين البلدين في هذا المجال؟

حاليًا نعمل على مشروع اتفاق سياحي بين لبنان وماليزيا نابع من اهتمام متبادل لتعزيز العلاقة السياحية وشروط استقدام السياح بين البلدين، والاتفاق اليوم في مراحله الأخيرة قبل الاكتمال، ويقوم الاتفاق على تأسيس لجان بين البلدين وزيارات متبادلة بين المسؤولين السياحيين في البلدين، كما يتضمن إنشاء معارض سياحية مشتركة ولجان متابعة مستمرة من الجانبين، كما سيعمل الاتفاق على دعم وتأسيس أية استثمارات سياحية يمكن إنشاؤها بين البلدين سواء على المستويات الحكومية أو على مستوى مبادرات ومشاريع القطاع الخاص، ويمكن أن يتم ذلك في المرحلة الثانية من الاتفاق السياحي.

“مشاركة ماليزيا في اليونيفيل تؤكد إيمانها بالقضايا العربية ووقوفها الدائم بجانب لبنان في وجه العدو الإسرائيلي”


. ما هي أهم أوجه التعاون العسكري بين لبنان وماليزيا؟ وكيف تقيّمون الدور الماليزي في قوات “اليونيفيل” لحفظ السلام في جنوب لبنان؟

التعاون العسكري بين لبنان وماليزيا مستمر بشكل دائم، حيث يتم سنويًا إرسال ضباط لبنانيين لتأدية دورة أركان لدى الجيش الماليزي. وفي هذا العام قررت ماليزيا لأول مرة إرسال ضابط ماليزي برتبة رائد لتأدية دورة أركان لدى الجيش اللبناني في كلية الأركان، ونحن مسرورون بهذه المبادرة الماليزية لجعل التبادل في هذا المجال ثنائيًا. كذلك فإن أول زيارة خارجية لوزير الدفاع الماليزي محمد بن سابو كانت إلى لبنان حيث تفقد الكتيبة الماليزية العاملة ضمن قوات حفظ السلام “اليونيفيل”، وأخبرني وزير الدفاع في اجتماع مشترك أن ماليزيا ستوجه قريبًا دعوة إلى لبنان لإرسال ضابطين لبنانيين من البحرية للاشتراك في دورة تدريبية مع البحرية الماليزية.

بالنسبة للكتيبة الماليزية في قوات “اليونيفيل” فإنها بلا شك تقوم بدورها على أتم وجه ويكفي أنها تعرّض عناصرها للخطر على الحدود بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وهذا يؤكد إيمان ماليزيا ووقوفها الدائم مع لبنان والدول العربية في وجه العدو الإسرائيلي وتحيّزها للقضايا العربية المحقة فكرًا وتطبيقًا، حيث يبلغ حجم الكتيبة الماليزية 850 عنصرًا، ونحن دومًا نشكر ماليزيا على دعمها الدائم والمستمر للبنان من خلال التجديد لعمل القوة الماليزية في “اليونيفيل”.

. هل كان للتغيير السياسي الكبير الذي حصل في ماليزيا أي تأثير على عملكم في السفارة سواء بشكل إيجابي أو سلبي؟

العلاقة القائمة بين البلدين علاقة إيجابية في الأساس، وهي بدأت أصلًا في العهد الأول لرئيس الوزراء مهاتير محمد من عام 1981 حتى عام 2003، واليوم نأمل مع عودة الدكتور مهاتير محمد مرة جديدة للسلطة بأن تتعزز العلاقة أكثر بين الجانبين، والبوادر الإيجابية بدأت بالفعل مع زيارة وزير الدفاع إلى لبنان والعديد من المبادرات الماليزية في مجال التعاون العسكري.

كذلك نعمل في السفارة بشكل مستمر على تعزيز العلاقة بشكل إيجابي في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياحة، كما نرغب في إعادة العلاقة الخاصة والزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين والتي لم تحصل منذ الزيارة المتبادلة بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس الوزراء مهاتير محمد في عام 1997.

. ما هو تقييمكم لعمل وسائل الإعلام العربية في ماليزيا وتجربة مجلة أسواق المستمرة منذ أكثر من 10 أعوام؟

نحاول في السفارة اللبنانية المساعدة في تقصّي الأخبار التي تحصل في ماليزيا والتي تهم لبنان، لكن بالتأكيد لسنا قادرين على تغطية كل الأحداث الحاصلة هنا، كما أن وكالة الأنباء اللبنانية لا تملك مراسلًا في ماليزيا لجمع ونقل تلك الأخبار والأحداث، ولا أعتقد أن هناك بوادر حالية لإرسال ممثل لها إلى ماليزيا. لكن من جانب آخر فإن هناك العديد من وسائل الإعلام العربية في ماليزيا وفي مقدمتها مجلتكم مجلة “أسواق” التي نفتخر بها وبعملها في تسليط الضوء على ماليزيا ونقل أخبارها وقضاياها إلى العالم العربي وفي نفس الوقت إظهار الصورة الصحيحة والإيجابية للعالم العربي من مختلف الجوانب الاقتصادية والثقافية والسياحية للماليزيين وتقديم الصورة المميزة عن الدول العربية في جنوب شرق آسيا. لذلك نحن سعيدون بالجهد الكبير الذي تقومون به لتعزيز دور الدول العربية في ماليزيا ونتمنى منكم دائمًا الحفاظ على مصداقيتكم ونحن بدورنا نقدّم لكم كل الدعم اللازم لعملكم الكبير في ماليزيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WhatsApp chat